الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معاشرة من يشرب الخمر ويحتفظ به في بيته

السؤال

ما حكم من يشرب الخمر، ويحتفظ به في بيته؟ وما حكم الزوجة المكرهة، التي لا تستطيع تغيير ذلك؟ وما حكمها أيضًا بالنسبة للمعاشرة الجنسية للزوج الذي يشرب الخمر؟ وهل الأولاد الذين أنجبوا منه أولاد شرعيون أم لا؟ لأن الخمر من الكبائر، أليس كذلك!؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالواجب عليك أن تحذريه غضب الله، وعقابه، وتبيني له أنه على خطر عظيم، وأن شرب الخمر كبيرة من الكبائر، يجب البعد عنها، واجتنابها؛ لقول الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ {المائدة:90-91}، وقوله صلى الله عليه وسلم: كل مسكر حرام، وإن على الله عهدًا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال، قالوا: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال: عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار. أخرجه مسلم، والنسائي.

ولا تقبل صلاته أربعين صباحًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من شرب الخمر، لم تقبل له صلاة أربعين صباحًا، فإن تاب، تاب الله عليه، فإن عاد، لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحًا، فإن تاب، تاب الله عليه، فإن عاد، لم يقبل الله صلاة أربعين صباحًا، فإن تاب، تاب الله عليه، فإن عاد في الرابعة، لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحًا، فإن تاب، لم يتب الله عليه، وسقاه من نهر الخبال. قيل: يا أبا عبد الرحمن، وما نهر الخبال؟ قال: نهر من صديد أهل النار. أخرجه الترمذي بسند حسن. ومثله عند أبي داود، والنسائي.

وأنه بهذا يكون قدوة سيئة لأولاده، وكيف يكون حاله لو رأى ولدًا من أولاده يفعل مثل هذا الفعل الشائن!؟

وليعلم هذا الأب أنه قد أخل إخلالًا كبيرًا بالمسؤولية الملقاة على عاتقه تجاه زوجته، وأولاده؛ إذ ليست المسؤولية منحصرة في توفير الطعام والشراب وحسب، بل هي أعم من ذلك، وأشمل لجوانب الحياة كلها.

وأما بالنسبة للمعاشرة الزوجية بينكما، فهو حليلك وأنـت حليلته، والأولاد منه أولاد شرعيون؛ لأنه وإن كان مقيمًا على كبيرة، فإن عقد الزواج لا ينفسخ بذلك، ما لم يستحل الخمر؛ لأن استحلال ما ثبت تحريمه، كفر، ينفسخ به العقد.

وابتهلي إلى الله تعالى بالدعاء ليكشف عنك الضر، ويرفع هذا البلاء.

وعليك مسؤولية أخرى أكبر من سابقتها، وهي رعاية الأبناء رعاية شرعية، وتنشئتهم تنشئة دينية، وبيان أن ما يفعله أبوهم خطأ، لا يرضي الله تعالى. والله نسأل أن يعينك في مهمتك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني