الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اللجوء إلى المحاكم الوضعية للحصول على الحق المشروع

السؤال

مشايخنا الفضلاء حفظكم الله أتقدم بسؤالي الهام جدا جدا بالنسبة لي : أنا رجل تعاقدت مع رجل بأن يجهز لي محلا تجاريا قد استأجرته من رجل ثان وتم الاتفاق بيني وبين هذا الرجل بأن يكون التجهيز على ثلاث دفعات أدفع له نصف المبلغ في البداية وربع المبلغ الثاني بعد إتمام نصف العمل ثم دفع الربع المتبقي بعد ما يجهز كل العمل وقام هذا الرجل بصياغة عقد بيننا وفي العقد أنه سوف يجهز كل العمل في سبعين يوما، وكل يوم يتأخر فيه بعد السبعين يدفع لي مائة ريال على كل يوم تأخير، المهم أنه بعد فترة قال لي إنه جهز نصف العمل ودفعت له أكثر من ربع المبلغ المتبقي بعد إلحاح منه وكان المفروض أني أدفع ربعا ولكنه أصر على أن أدفع أكثر لأنه يريد أن ينهي العمل في أقل من الوقت المتفق عليه، ولكن بعد استلامه للدفعة الثانية بدأ في المماطلة وفي التأخير حتى مر على الموعد النهائي وهو سبعين يوما أكثر من أربعة أشهر، وهو الآن لم يجهز العمل ولم يرد لي المبلغ الذي دفعته له وهو حسب الاتفاق يتحمل مائة ريال عن كل يوم تأخير، وأنا الآن أريد أن أرفع عليه قضية في المحكمة ولكن هنالك مشكلة وهو أني في حالة رفعي للقضية سوف تكون أمام محكمة قانونية وليس محكمة شرعية وهذه في نظري تخالف ما شرع الله ، فماذا أفعل هل أترك حقي يضيع مع هذا النصاب المتلكئ أم أرفع القضية أمام محاكم غير شرعية ؟ وماذا علي أن أفعل بارك الله فيكم؟
أنا بانتظار فتواكم في هذا الأمر .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأصل أنه لا يجوز التحاكم إلى القوانين الوضعية، لما فيها من مخالفة واضحة ومنابذة شديدة لأحكام الله تعالى التي أنزلها في كتابه وعلى لسان رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأوجب التحاكم إليها وراجع في هذا الفتوى رقم: 38757.

لكن إذا لم يتمكن المرء من الحصول على حقه إلا بهذا الطريق فلا مانع من اللجوء إليه بشرط أن لا يزيد على حقه المشروع، وبهذا أفتى بعض العلماء في العصر الحاضر، ومنهم الشيخ ابن العثيمين ـ رحمه الله ـ وبناء على هذا لا ما نع من مطالبة الرجل المذكور بالتعويض بقدر الأضرار الناتجة عن تأخره في تنفيذ العمل الذي تعاقدتما عليه إذا كانت المدة المحددة لإنجاز العمل كافية في العرف لإنجازه، فإن لم يمكن الحصول عليه بطريق المصالحة بينكما أو عن طريق وسطاء، فلا مانع من أن تطلبه عن طريق المحاكم الوضعية إذا تعينت طريقاً لذلك مع مراعاة الشروط التي ذكرناها، وراجع لمعرفة حكم الشرط الجزائي الفتوى رقم: 34491.

ومن خلالها سيتبين لك أن الشرط الجزائي في العقد الذي أبرمته مع هذا الرجل شرط صحيح، ولا مانع من مطالبته بالوفاء به، لكن لا يجوز لك أن تأخذ مما اشترطته عليه من المال إلا بقدر ما أصابك من ضرر بسبب تأخره، فإن لم يصبك ضرر أصلاً فلا يحق لك أخذ شيء منه، كما قرره من أجاز هذا الشرط في الشرع.

وأما إذا كانت المدة المشترطة لتنفيذ العمل المطلوب غير كافية فإن هذا الشرط باطل لما فيه من الغرر كما صرح به علماء المالكية وغيرهم.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني