الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المال الذي دفعته الزوجة لزوجها لا بقصد الهبة

السؤال

عيدكم مبارك والعام وأنتم بخير
أنا امرأة متزوجة، مات زوجي وخلفني أنا كزوجة وثلاث ذكور وبنتين وأما وبنتا من الزوجة الأولى. كما خلف هذا المرحوم تركة تتمثل في سيارة من نوع مازدا ورثها عن أبيه ومجموعة قطع أراضي، و تم تقسيم هذه التركة كما نص عليه الشرع عند الموثق إلا أن هناك أمرا آخر يتمثل فيما يلي:
- قبل أن أتزوج اشتريت سكنا بمبلغ يقدر بـ 140000,00 دج وكان ذلك في سنة 1987 و لما رغب زوجي في شراء سيارة، بعت سكني و أعطيته 70000,00 دج فاشترى بهذا المبلغ سيارة آنداك و بعد مدة بعنا السيارة و استمر بنا الأمر نبيع في السيارات ونشتري وكان زوجي كلما أراد شراء سيارة يضيف قسطا من المال إلى أن اشترينا سيارة جديدة يقدر ثمنها بـ470000,00 دج وقبل أن يتوفى زوجي بعنا السيارة بمبلغ 400000,00 دج ووضعنا هذا المبلغ في صندوقه الحساب الجاري وسؤالي المطروح هو التالي:
-هل المبلغ الذي بعنا به السيارة وتركة زوجي في الحساب الجاري يدخل ضمن التركة ويقسم على جميع الورثة بما فيهم أمه و البنت التي خلفها من زوجته الأولى أم لا؟
-كما رغب زوجي أثناء حياته في فتح متجر لبيع المواد الغدائية وبما أنه لم يكن لديه المبلغ المالي لفتح المتجر، قمت أنا ببيع صياغتي ( أي مجموعة من القطع الذهبية) التي قدر وزنها بـ43 غراما و كان هذا سنة 1996 وقلت له: هاهي ذي صياغتي أقرضك إياها ريثما نحصل على فائدة من بيع المواد التي في المتجر ثم أسترجع مقدار صياغتي، فوافق على هذا الرأي إلا أن زوجي حينما بدأ هدا النشاط توفي فقومنا ماكان من مواد غذائية في المتجر فوجدنا مبلغ يقدر بـ23269,00 دج وكان هذا المبلغ يقل عن المبلغ الذي بعت به صياغتي وكان هدا في سنة 2003.
- سؤالي هو:
- هل يدخل المبلغ الذي حصلنا عليه من تقويم مواد المتجر والذي قدر بـ23269,00 دج ضمن التركة ويقسم على جميع الورثة بما فيهم الأم والبنت التي خلفها من الزوجة الأولى أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن أول ما يخرج من تركة الميت بعد مؤن تجهيزه قضاء ديونه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه. رواه الترمذي وحسنه، وصححه السيوطي.

قال خليل بن إسحاق: يخرج من تركة الميت حق تعلق بعين كالمرهون وعبد جنى ثم مؤن تجهيزه بالمعروف ثم تقضى ديونه، ثم وصاياه من ثلث الباقي، ثم الباقي لوارثه...

وعليه، فإذا كان ما أقرضتِه لزوجك من ثمن صياغتك ثابتا بالبينة، أو يعترف به الورثة الذين يفيد اعترافهم، بأن كانوا بالغين رشداء، فإنك تستوفينه من التركة قبل تقسيمها. وإن لم يكن ذلك ثابتا، ولم يعترف به الورثة، أو كان اعترافهم لا يفيد، فإنه يكون لك ذخرا في الآخرة إذا احتسبتِه عند الله، وليس لك استيفاؤه الآن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم، ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر. رواه البيهقي، وصححه الألباني.

وما قيل في ثمن صياغتك يقال مثله في جميع ما أعطيتِه لزوجك من المال على وجه القرض. وأما الذي أعطيتِه له على وجه الهبة فإنه يملكه بمجرد حيازته، وبالتالي يكون أسوة لجميع الورثة.

ثم إننا ننبه السائلة إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني