الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في زكاة مهر المرأة

السؤال

عقد قراني يوم 6/12/2004 ولم أقبض المهر إلا بعد عام وبما أنه يبلغ النصاب أخرجت منه الزكاة بعدما قبضته، وفي يوم 30/1/2005 بدأت بتوفير مبلغ في كل شهر من أجل التجهيز لمصاريف الزواج، علماً بأن المبلغ الموفر وصل النصاب في 30/5/2005، فهل علي أن أضيف المال الموفر على مال الصداق وإخراج الزكاة الآن، أم انتظر حتى يحل الحول على النصاب أي في 30/5/2006، وماذا عن التجهيزات التي دفعت تسبيقاً عليها والباقي على دفعة في الأشهر القادمة، ويوم زواجي سيكون بإذن الله يوم 16/8/2006، علماً بأن جميع الأموال الموفرة هو لمصاريف الزواج؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن ما قامت به الأخت السائلة من إخراج الزكاة عن المهر كان صواباً لأنه ملكته من يوم العقد، وقد تم حول على ملكها له، قال ابن قدامة في المغني في معرض كلامه على دفع الزكاة قبل الدخول: في هذه المسألة أحكام، منها: أن المرأة تملك الصداق بالعقد. وهذا قول عامة أهل العلم، إلا أنه حكي عن مالك أنها لا تملك إلا نصفه. وروي عن أحمد ما يدل على ذلك. وقال ابن عبد البر: هذا موضع اختلف فيه السلف والآثار، وأما الفقهاء اليوم فعلى أنها تملكه. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن أعطيتها إزارك جلست ولا إزار لك. دليل على أن الصداق كله للمرأة، لا يبقى للرجل منه شيء، ولأنه عقد تملك به العوض بالعقد، فملك فيه العوض كاملاً كالبيع، وسقوط نصفه بالطلاق لا يمنع وجوب جميعه بالعقد، ألا ترى أنها لو ارتدت، سقط جميعه. انتهى إلى أن قال: والمرأة إذا قبضت صداقها زكته لما مضى، وجملة ذلك أن الصداق في الذمة دين للمرأة، حكمه حكم الديون، على ما مضى إن كان على مليء به فالزكاة واجبة فيه، إذا قبضته أدت لما مضى.. إلى أن قال: وإن مضى عليه حول قبل قبضه، ثم قبضته كله، زكته لذلك الحول. انتهى.

وقال النووي: اتفقت نصوص الشافعي رضي الله عنه والأصحاب رحمهم الله تعالى على أن المرأة يلزمها زكاة الصداق إذا حال عليه الحول، ويلزمها الإخراج عن جميعه في آخر الحول بلا خلاف وإن كان قبل الدخول، ولا يؤثر كونه معرضاً للسقوط بالفسخ بردة أو غيرها أو نصفه بالطلاق. انتهى.

وأما الذي تم توفيره أثناء حول المال السابق فله حكم المال المستفاد أثناء الحول، وقد تقدم في الفتوى: 29995 أن المال المستفاد أثناء الحول يستقبل به حول فيكون له حوله الخاص به، وإذا أراد المزكي أن يزكيه عند حول المال السابق جاز له ذلك من باب جواز تعجيل الزكاة، هذا إذا لم يكن المبلغ الموفر ناشئاً عن ربح المال الأول الذي هو المهر، فإن كان من ربحه فإن حوله حول أصله، كما سبق بيانه في الفتوى: 22856.

أما ما تم دفعه عن التجهيزات قبل حلول حول المال فإنه لا يزكى لأنه لم يحل عليه الحول، وأما هذه العروض نفسها فإنها لا تزكى أيضاً لأنها عرض قنية وهو لا زكاة فيه، وأما الأقساط المتبقية من ثمن التجهيزات فإن تم تسديدها قبل حلول حول المال زكي ما بقي من المال إن لم ينقص عن النصاب، وإن بقي منها البعض وقت وجوب الزكاة نظرنا مجموع الباقي من الأقساط، فإن كان يستغرق المال أو ينقصه عن النصاب لو خصم منه سقطت الزكاة في المال المذكور، وإن لم يستغرقه ولم ينقصه عن النصاب خصم مقابل الدين من المال وزكي الباقي، لكن يشترط في إسقاط الزكاة بالدين ألا يكون عند المالك مال آخر يجعله في مقابل الدين ولو كان غير زكوي، كما سبق توضيحه في الفتوى: 7675.

هذا بناءً على ما فهمناه من السؤال، وهو أن هذه التجهيزات قد اشتريت وأصبح ثمنها ديناً، أما إذا كانت لم تشتر إلى الآن فإن ما يحتاج إليه في شرائها لا يقال له دين ومن ثم لا يحسم قدره من المال، بل يزكى كل ما حال عليه الحول من المال، وننبه هنا إلى أن المال إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول زكي سواء رصد للزواج أو غيره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني