الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

قبل وفاة الوالد طالبت أختي بحصتها من الإرث قبل الوالد وأعطاها حصتها منذ سنة توفي الوالد بدون عقد أو إثبات هي الآن تطالب بحصتها من الميراث على مبدأ ( يلي تركو أبوك الك و لأخوك ) هل هذا يجوز شرعا أفيدوني ؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالسؤال من شقين أحدهما عن حق البنت في الإرث ، وهذا لا خلاف فيه قطعا فلها حقها الشرعي في تركة أبيها وهو نصف ما لأخيها بعد أداء الفروض إلى أصحابها من زوجة أو أم أو غيرهم إن وجدوا ، ولا اعتبار لما فعل الأب إذ لا يثبت لها حق في التركة إلا بموته، وأما حال حياته فلا يصح ذلك لأن الحي لا يورث ولذا قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى: إذا قسم الأب ما بيده بين أولاده فإن كان بطريق أنه ملك كل واحد منهم شيئا على جهة الهبة الشرعية المستوفية لشرائطها من الإيجاب والقبول والإقباض أو الإذن في القبض وقبض كل من الأولاد الموهوب لهم ذلك ، وكان ذلك في حال صحة الواهب جاز ذلك ، وملك كل منهم ما بيده لا يشاركه فيه أحد من إخوانه ، ومن مات منهم أعطي ما كان بيده من أرض ومغل لورثته ... ، وإن كان ذلك بطريق أنه قسم بينهم من غير تمليك شرعي فتلك القسمة باطلة فإذا مات كان جميع ما يملكه إرثا لأولاده للذكر مثل حظ الأنثيين؟ اهــ

وأما الشق الثاني الذي تضمنه السؤال عما أخذته البنت من والدها على سبيل أنه حقها في التركة هل لها تملكه وبقاؤه بيدها أم يجب عليها رده إلى تركة الأب ؟

فجوابه هو : ما ذكره ابن حجر الهيتمي في عبارته السابقة وهو أنه إذا كان على سبيل الهبة وملكها ذلك في حياته وكان لها وجه تستحق به ذلك من خصاصة وحاجة فهو لها ولا يجب عليها أن تعيده إلى الميراث ، لأن التفضيل في الهبة بين الأبناء لمسوغ جائز لدى الأكثرين كما بينا في الفتوى رقم : 6242 ، وإن كان أعطاها إياه على سبيل أنه حقها في التركة فذلك باطل ويجب عليها أن تعيده إلى التركة ولا تأخذ منها أكثر من حقها إلا إذا رضي باقي الورثة بذلك لأنها حقوقهم ولهم التصرف فيها كيف شاءوا وهذا يشترط أن يكونوا بالغين رشداء .

ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا للسؤال ورد عليه ، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق ، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث ، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها ، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال فلا ينبغي إذا قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني