الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من أمهر امرأته تعليم القرآن وطلقها قبل الدخول

السؤال

إذا كان المهر قرآنا فكيف تسترجع المرأة نصف مهرها في حالة الطلاق قبل الدخول؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف الفقهاء في جواز جعل تحفيظ القرآن الكريم صداقاً للمرأة: فذهب الحنفية والمالكية في المشهور عندهم وأحمد في رواية عنه إلى عدم جواز جعل تحفيظ القرآن الكريم صداقاً للمرأة، لأن الفروج لا تستباح إلا بالأموال؛ لقوله تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ {النساء:24}، ولأن تحفيظ القرآن الكريم لا يجوز أن يقع إلا قربة لفاعله.

وذهب الشافعية وهو خلاف المشهور عند بعض المالكية وأحمد في رواية عنه إلى جواز جعل تحفيظ القرآن الكريم صداقاً للمرأة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج رجلاً امرأة بما معه من القرآن بقوله صلى الله عليه وسلم: أملكناكها بما معك من القرآن. انتهى من الموسوعة الفقهية.

وعند القائلين بجوازه، قالوا: إن طلقها قبل الدخول، وقد أمهرها تعليم القرآن بنفسه -أي الزوج- فتستحق نصف مهر المثل، لتعذر تعليمها بعد الطلاق، لأنها صارت أجنبية عنه، وإن أمهرها تعليم القرآن في الذمة، وجب عليه أن يستأجر لها من يعلمها من امرأة ومحرم، قال العلامة زكريا الأنصاري الشافعي في فتوحات الوهاب: (ولو أصدق تعليمها) قرآنا أو غيره بنفسه (وفارق قبله تعذر) تعليمها، قال الرافعي وغيره: لأنها صارت محرمة عليه، ولا يؤمن الوقوع في التهمة والخلوة المحرمة لو جوزنا التعليم من وراء حجاب من غير خلوة... ثم فرق بينها وبين الأجنبية بأن كلا من الزوجين قد تعلقت آماله بالآخر وحصل بينهما نوع ود فقويت التهمة فامتنع التعليم لقرب الفتنة؛ بخلاف الأجنبية فإن قوة الوحشة بينهما اقتضت جواز التعليم.... ثم قال: وأفهم تعليلهم السابق أنها لو لم تحرم الخلوة بها كأن كانت صغيرة لا تشتهى أو صارت محرما له برضاع أو نكحها ثانياً لم يتعذر التعليم وبه جزم البلقيني، ولو أصدقها تعليم آيات يسيرة يمكن تعليمها في مجلس بحضور محرم من وراء حجاب لم يتعذر التعليم كما نقله السبكي عن النهاية وصوبه... (ووجب) بتعذر التعليم (مهر مثل) إن فارق بعد وطء (أو نصفه) إن فارق لا بسببها قبله، ولو فارق بعد التعليم وقبل الوطء رجع عليها بنصف أجرة التعليم، أما لو أصدق التعليم في ذمته وفارق قبله فلا يتعذر التعليم بل يستأجر نحو امرأة أو محرم يعلمها الكل إن فارق بعد الوطء والنصف إن فارق قبله. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني