الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أود في البداية أن أبدي فائق مودتي واحترامي وثقتي بفضيلتكم سائلا المولى عز وجل لكم ولنا الثبات على الحق، فضيلة الشيخ : أنا مسلم مقيم في فرنسا , المشكلة أني فقدت مجموعة من المفاتيح المهمة حيث إن بعضها لم يكن له عندي نسخة أخرى مما يعني تغيير الأقفال وهذا أمر مكلف ولكن قدر الله وماشاء فعل، المهم أني تذكرت أن حسابي في البنك هو خاص بالطلاب وفيه العديد من الخدمات المجانية فهو مثلا يقرضني لحد سبع مائة أورو دون فوائد , وغير ذلك فاتصلت بالنبك وقالوا لي إن عندي تأمينا ضد فقد المفاتيح وهو مجاني , فأفتيت نفسي بأني لن أدفع شيئا بالتالي لن يكون هناك حرج شرعي في التعويض الذي ستدفعه شركة التأمين المتعاملة مع البنك لأني لم أساهم، أي لم أدفع قسط التأمين فهو حسب ما أخبروني مجاني , المهم بعد ما تم الأمر وأرسلوا لي مبلغ التعويض يعني هو حوالي مائة وعشرين أورو , فوجئت بأنهم سحبو مبلغ 12 أورو فاتصلت عليهم فأخبروني بأن هذا قسط الـتأمين لمدة عام , فأخبرتهم أن موظف البنك أخبرني أن الخدمة مجانية , فقالوا لا هذا غير صحيح، سؤالي فضيلة الشيخ بعدما استلمت المبلغ هل هو حلال لي أم لا ؟ وهل عليَّ أن أتصدق بهذا المبلغ وأكون دفعت لتصليح المفاتيح ثم دفعت القسط بدون قصد يعني أني تضررت زيادة عن سعر المفاتيح قسط التأمين الذي يمتد سنة وبالتالي لن يكون لي حق الاستفادة منه , مع أني لم أقصد ابتداء الدخول في هذا التأمين ؟ وشكرا لكم فضيلة الشيخ..

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجوز للمرء الدخول في التأمين التجاري باختياره، وكنا قد بينا ذلك من قبل، فلك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 472.

وأما ما ذكرته من الوقوع فيه من غير قصد، فنرجو أن لا يكون عليك فيه مؤاخذة، لما روي أنه لما نزل قول الله تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة: 286 }، قال الله: قد فعلت . رواه مسلم. ولقوله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ {الأحزاب:6}، وقوله صلى الله عليه وسلم: ‏‏إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه . رواه ابن ماجه، وابن حبان، ‏والطبراني، والحاكم، والدارقطني، والبيهقي، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

وليس عليك أن تتصدق بأي مبلغ إلا أن تتطوع بذلك، لأن القاعدة أن الذي يُتَصدق به في مثل حالتك هو ما زاد على رأس المال، عملا بقول الله تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة: 279} وأنت ستدفع أكثر مما استفدت، لأنك ذكرت أنهم أعطوك حوالي مائة وعشرين أورو، وقسط التأمين الشهري هو: 12 أورو، أي أن التأمين السنوي سيكلفك: 144 أورو.

وبناء على ما ذكر، فالمبلغ حلال عليك، طالما أنك لا تستطيع فسخ عقد التأمين. وعليك بالاستغفار والتوبة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني