الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التنازل عن الميراث للغير لأجل رغبة الأم

السؤال

أم لولدان وبنتان تسيء معاملة جميع وأولادها عمرها 50 ، لا تخشى أحدا، زوجها رجل طيب القلب يحبها تسيء معاملته دائما طردته من المنزل منذ سنتين منذ خطبتي لابنتها (ابنة عمي) ولم يفعل شيئا سوى أنه عاش مع ابنته الكبري (زوجة أخي) وقد توفاه الله منذ شهرين وهي الآن دائما ما تكون كئيبة تبكي وتنوح وتلطم تكره تقول لبناتها إنها تكرههم وأنهم لا يحبونها ولم تر منهم حنانا، وهذا بالفعل ما يحدث نتيجة أفعالها، فهي لا تترك زوجة أخي تهنأ مع أخي تتدخل في ما لا يعنيها حتى أن أخي لا يأكل في بيته ينام فقط اكتئب، وبناتها اكتئبوا فقط كانت زوجة أخي حامل عند وفاة أبيها فلم ترحمها تتمني للناس الموت لم تفرح بحفيدتها تدعي حزنها على زوجها (قبل وفاته بيومين أحزنته بأن مصاريف العلاج 1500 ج هنجبهم منين)، يملكون أرضا تساوي 100000 جنيه ورصيد 20000 جنيه (إنها تصلي وملبوسة من جني مسلم يكره العصبية) تهدد بناتها بقتلهم حاولت خنق خطيبتي مرة ولم يخلصها سوى زوجة أخي (خطيبتي تعيش معها هي وابن واحد)، ماذا نفعل جميعا أخي الذي تقيم دائما عنده هي وخطيبتي وابنها يصرف عليهم ولا يسمع منها كلمة شكر واحدة يسايس ويحايل وغلطة صغيرة تكرهه، خطيبتي التي تعيش معها ليلا ونهارا بمفردهم دائما ما تتصل بي تبكي وتخاف أن تفعل بها أي شيء تخاف أن تقول كلمة حق فتذهب فيها، وإن لم تتكلم تقول إنها بومه تخاف أن تحدثني فتضحك معي فتتهمها بعدم الحديث معها كلامها جامد مع الكل تجعلنا نكرهها تدعي الاحساس مع عدم وجوده بناتها خادمات لها قطعة الأرض مملوكه للصبيان أخ متزوج وأخ خاطب تريد من بنتها زوجة أخي أن تتنازل عن ميراثها لأخيها حتي يتزوج وخطيبتي أن تجهز نفسها والباقي لأخيها صاحب نصف قطعة الأرض والميراث الذي يساوي 30000 نصيبه مع العلم بأنها تريد أم زوجها (ستي) أن تتنازل عن ميراثها لابنها وتتودد لها وتظهر لها المحبة وتقول إن لم تفعل ستكرهها وتشن الحرب عليه تكذب عليها بأن عليهم ديون 100000 وهي 40000، مع العلم بأنها ستأخذ نصيبها من الميراث و20000 بالبنك وشقة التمليك الجديدة 80000 لتعيش بها حياتها، ماذا يفعل أخي الذي تقيم عنده بالشهرين والثلاثة، وماذا تفعل ابنتاها وماذا أفعل أنا وأمامي سنة على الزواج من ابنتها التي أخاف عليها كثيراً، فأرجو سرعة الرد، هل إذا تركناها تعيش وحدها وقلنا لها إنها تجعلنا نكرهها ونقول لها الحقيقة واشتعلت النار هل هذا خطأ، تدعي الحزن وتكحل عيناها تقول إن بناتها الذين يحبون أبيهم الحنون لم يحزنوا عليه وأنها هي الحزينة وتجلس بالساعات أمام المرآه لتتكحل وترسم عيونها وتتعطر كالعادة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما ذكرته عن تلك المرأة من أنها تسيء معاملة الجميع وخصوصاً أولادها، وأنها كانت تسيء معاملة زوجها، وقد طردته من المنزل، وأنها تتمنى للناس الموت، وتهدد بناتها بالقتل، وأنها حاولت خنق تلك التي وصفتها بأنها خطيبتك، إلى غير ذلك مما فصلته تفصيلاً، كلها أمور تدل على سوء أخلاق تلك الأم، والأخلاق هي أساس بناء الأمم، كما قال القائل:

وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت * فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

وهذا ما أكدته النصوص النبوية المتكاثرة في هذا الشأن، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق. رواه مالك في الموطأ. ومنه أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة؟ فأعادها ثلاثا أو مرتين، قالوا: نعم يا رسول الله، قال: أحسنكم خلقاً. رواه أحمد.

وفي صحيح البخاري عن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من خيركم أحسنكم خلقاً. وقال عليه الصلاة والسلام: إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة: الثرثارون، والمتشدقون والمتفيهقون. رواه الترمذي وحسنه.

فعلى أولاد هذه المرأة ذكوراً أو إناثاً أن ينصحوها برفق ولين، وأن يدعوا لها في أوقات الاستجابة بالاستقامة وحسن الخلق، وليعلم هؤلاء الأولاد أن أعظم ما يمكن أن يتقربوا به إلى الله هو بر أمهم والحرص على رضاها فيما ليس فيه معصية ولو أساءت إليهم كل الإساءة، فقد قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا {الأحقاف:15}، وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:14-15}.

وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.

وكل ما ذكر من الإساءة لا يبرر قطيعة الأم ولا الإساءة إليها، وليس على أي من أولادها أن يتنازل عن نصيبه من الإرث لغيره تلبية لرغبة الأم، ولكن عليهم إذا أرادوا صرفها عن مثل هذه الطلبات أن يفعلوا ذلك بأسلوب يليق بها كأم.

ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني