الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حقيقة الطب النبوي وحكم الأخذ به

السؤال

هل هناك ما يسمى بالطب النبوي ؟ وإذا كان هناك ما يسمى بذلك فلماذا لا نتحدث عن الطب لجميع الأنبياء ومنهم عيسى ابن مريم عليه السلام والذي ذكره الله في القرآن في أكثر من موضع؟ وهل يحق لأحد أن يربط بين المهنة وهي الطب بالرسالة والنبوة ؟ وما حكم ذلك؟ جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالطب النبوي موجود وهو مجموع ما ثبت وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم مما له علاقة بالطب، من أحاديث نبوية شريفة فيها إخبار عن منافع وخصائص لبعض المواد مثل قوله -صلى الله عليه وسلم-: "عليكم بهذه الحبة السوداء، فإن فيها شفاء من كل داء". متفق عليه.

أو كان متضمنا وصفات داوى بها النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه ، أو دعا إلى التداوي بها. كما أنه يتضمن هديه صلى الله عليه وسلم في كل ما تعلق بصحة الإنسان في أحوال حياته من مأكل ومشرب ومسكن ومنكح...

وقد ثبت بالتجربة عند الأطباء الموثوقين مصداقية ما ثبتت نسبته إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- مما لها تعلق بالطب. مع أن بعض الباحثين من المسلمين لا يرون أن الطب له تعلق بالنبوة.

يقول ابن خلدون في تاريخه: وكان عند العرب من هذا الطب كثير، وكان فيهم أطباء معروفون كالحارث بن كلدة وغيره. والطب المنقول في الشرعيات من هذا القبيل وليس من الوحي في شيء وإنما هو أمر كان عاديا للعرب. ووقع في ذكر أحوال النبي صلى الله عليه وسلم من نوع ذكر أحواله التي هي عادة وجبلة لا من جهة أن ذلك مشروع على ذلك النحو من العمل. فإنه صلى الله عليه وسلم إنما بعث ليعلمنا الشرائع ولم يبعث لتعريف الطب ولا غيره من العاديات. وقد وقع له في شأن تلقيح النخل ما وقع فقال : أنتم أعلم بأمور دنياكم. فلا ينبغي أن يحمل شيء من الطب الذي وقع في الأحاديث الصحيحة المنقولة على أنه مشروع فليس هناك ما يدل عليه اللهم إلا إذا استعمل على جهة التبرك وصدق العقد الإيماني فيكون له أثر عظيم في النفع... وما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله معتمدا في ذلك على التجربة كغيره من الناس فهذا الإشكال في أنه يؤخذ منه ويترك وربما يصح وربما لا يصح، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن عدم فائدة تلقيح النحل في الحديث الذي أشار إليه ابن خلدون.

وأما سؤالك: لماذا لا نتحدث عن الطب لجميع الأنبياء... فجوابه أن الكتب التي أنزلت على أولئك الأنبياء قد بدلت وغيرت، مع أننا إنما أمرنا باتباع محمد -صلى الله عليه وسلم- لا غيره، ولأن أولئك الأنبياء لو كانوا أحياء لاتبعوا ما جاء به هو، وشرعه ناسخ لجميع الشرائع ومهيمن عليها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني