الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إسقاط الحق صحيح ومعتبر

السؤال

كتبت كتابي على زوجتي السابقة. قمنا بأمور كثيرة فقد حدثت خلوة معها لكنها بقيت بكرا. كنت قد أعطيتها شبكة ولكن لم يكن هناك مقدم صداق على أساس أن أجهز الشقة بالكامل وكان هناك مؤخر صداق 5000 جنيه. حدثت لي ظروف مادية سيئة فطلبت تأجيل موعد الدخول من ستة أشهر بعد العقد إلى تسعة. ثار والدها وهددني بإحضار سكين لقتلي إذا لم أتزوج في خلال أسبوع أو أن أطلقها. أحسست أنا وهي أنه بسبب هذه الخلافات فإن حياتنا المستقبلية ستكون مستحيلة. تم الطلاق على أساس عدم الدخول حيث لم أكن أعلم أن الخلوة كالدخول. وقع الطلاق وقع على الإبراء أمام المأذون ونطقت هي أولا بأنها تبرئني من جميع مستحقاتها وأنه لم يقع الدخول ثم رددت هذا وراءها وطلقتها. بناء على طلبهم وبالاتفاق, تنازلت عن الشبكة كما أعطيتها إحدى غرف الأثاث التي اشتريتها وافترضت هذا في نفسي كأنه نصف مهر حتى لا أكون ظالما لها(سعر الشبكة + الغرفة الآن = 8000 جنيه).علمت بعد ذلك أن الخلوة كالدخول وإن لم يقع. لا أدري هل أنا ظالم لها ماديا أم أن ما تركته يكافئ أكثر من المهر المكتوب ( 5000جنيه مؤخر فقط) وبالتالي أنا لم أظلمها ولا داعي لتقدير المزيد. وإذا كانت تستحق المزيد, فكيف أرده لها دون أن يعلم أحد بوقوع الخلوة حتى لا يؤثر ذلك عليها مستقبلا حيث إني لا أريد إيذاءها. وهل من الصحيح إخفاء أمر الخلوة وتركه مسجلا في الأوراق على أنه طلاق بدون دخول (هل هذا شهادة زور). كيف أحل الأمر. أرجوكم أفيدوني فأنا أريد إعطاءها كامل حقوقها مهما كانت إبراء لذمتي أمام الله ولكني أعلم جيدا أنهم لن يقبلوا معي أي كلام الآن. وأن أي محاولة لي في هذا الصدد سيتم اعتبارها على أنها محاولة لإيذاء سمعتها ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد بينا في الفتوى رقم : 42954، والفتوى رقم: 1955 ، ما يجب للمطلقة المدخول بها وغير المدخول بها، وحكم الخلوة الصحيحة وغير الصحيحة وما يترتب على ذلك كله، وقد ذكرنا خلالهما أن الراجح من أقوال أهل العلم هو اعتبار الخلوة الصحيحة كالدخول فيثبت بها كما يثبت بالدخول من كامل المهر والعدة والنفقة والسكنى، ولكن إذا عفت المرأة لزوجها عن صداقها أو بعضه هنا لعدم الدخول فلا حرج عليه في ذلك، قال تعالى : وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة: 237 } .

وبناء عليه ما دامت الزوجة قد أعفتك من حقوقها وأبرأتك منها فليس عليك شيء بعد ذلك سواء أكنتما تعلمان حكم الخلوة وأنها كالدخول أم جهلتما ذلك، فمن أبرأ من حقه ولو كان يجهله صح إبراؤه ، قال المرداوي في الإنصاف : أما إن علمه المبرأ -بفتح الراء- أو جهله وكان المبرئ -بكسرها- يجهله صح سواء جهل قدره أو وصفه أو هما على الصحيح من المذهب .اهـ . وقال عليش : إسقاط الحق بعد وجوبه في نفس الأمر معتبر وإن تأخر العلم به . اهـ .

ولا ينبغي أن تذكر الخلوة وتشيعها إذا كان ذلك يؤذي سمعة البنت أو يفسد مستقبلها، فسترها أولى سيما وقد عفت عنك وأبرأت ذمتك .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني