الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المتزوجة على مذهب أبي حنيفة هل تنتقل إلى غيره بعد البينونة الكبرى

السؤال

أرجو إرسال الجواب على الإيميل الخاص بي، أنا عمري 32 سنة، إنني امرأة متزوجة زواجاً عرفياً (بوجود شيخ وشهود) وبدون معرفة والدي وإخوتي الذكور، استمر زواجي هذا سبع سنين ولم يكن يعرف بهذا الزواج سوى أمي وأختي وبعض أصدقاء زوجي وصديقاتي، وكنت أسأل عن صحة هذا الزواج فيقولون لي إن زواجي هذا صحيح على مذهب الإمام أبي حنيفة، وفي السنة الأولى من زواجي العرفي هذا طلقني زوجي طلقة واحدة ثم رجعت إليه في فترة العدة، واستمرت حياتنا بزواجي العرفي هذا (طبعأً أمام الناس أنا أعتبر بكرا وفي نفسي أعتبر أنا متزوجة)، وبعد سنة أخرى طلقني زوجي طلقة ثانية ثم رجعت إليه في فترة العدة، واستمرت حياتنا الزوجية وبعد ثلاث سنوات طلقني زوجي طلقة ثالثة، وكل هذا يحدث بدون معرفة والدي وإخوتي الذكور، وبعد هذه التطليقات الثلاث أدركت بأنني قد حرمت على زوجي على مذهب الإمام أبي حنيفة، ومنذ فترة وصلني خبر بأن زواجي العرفي هذا كان باطلاً لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا زواج إلا بولي، وأيما امرأة نكحت نفسها بدون ولي فزواجها باطل. وبالتالي ما بني على باطل فهو باطل أي أن كل هذه التطليقات الثلاث التي طلقني إياها زوجي لا تقع علي وبالتالي يحل لي أن أتزوج زوجي مرة أخرى وبموافقة والدي، فهل صحيح القول بأن زواجي هذا كان باطلاً وأن هذه التطليقات الثلاث لا تقع علي، وهل صحيح أنه يحل لي الزواج من زوجي مرة أخرى وبموافقة والدي، على الرغم أنني كنت أسأل دوماً عن صحة زواجي العرفي السابق فيقولون لي إن زواجي صحيح وعندما أقول لهم لقد سمعت في الفضائيات أن زواجي هذا باطل لأنه لا زواج إلا بولي فيقولون لي لا تشاهدي الفضائيات واكتفي بمذهب الإمام أبي حنيفة؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذه المسألة هي التي تعرف عند أهل العلم بمسألة التقليد بعد العمل، حيث إنك عملت أولاً بمذهب الإمام أبي حنيفة في عدم اشتراط الولي، وبعد أن طلقك هذا الرجل ثلاثاً وأصبحت بائنة بينونة كبرى لا تحلين له حتى تنكحي زوجاً غيره، فهو محرم عليك على مذهب أبي حنيفة، أردت الانتقال إلى مذهب الجمهور الذين يقولون ببطلان نكاحك الأول، ومن ثم عدم وقوع الطلاق، لأنه لم يكن في أثناء نكاح صحيح، وقد ذكر أهل العلم بأن انتقال المقلد من تقليد إمام إلى تقليد إمام آخر بعد عمله بقول الأول إذا كان في نفس المسألة التي ما زال لها أثر ممتنع، بل حكى بعض الأصوليين الإجماع على الامتناع، وفي مسألتك الأثر للتقليد الأول باقٍ، فإن الإمام أبا حنيفة يمنع هذا النكاح الجديد الذي تريدين القيام به، لأنه نكاح على مطلقة بائن بينونة كبرى قبل أن تنكح زوجاً آخر، وعليه فالذي يظهر لنا أنه لا يجوز لهذا الرجل أن ينكحك إلا بعد أن تنكحي زوجاً غيره.

قال الإمام ابن حجر الهيتمي رحمه الله في التحفة: وقد اتفقوا على أنه لا يجوز لعامي تعاطي فعل إلا إن قلد القائل بحله، وحينئذ فمن نكح مختلفاً فيه فإن قلد القائل بصحته، أو حكم بها من يراها ثم طلق ثلاثاً تعين التحليل وليس له تقليد من يرى بطلانه، لأنه تلفيق للتقليد في مسألة واحدة، وهو ممتنع قطعاً، وإن انتفى التقليد والحكم لم يحتج لمحلل نعم يتعين أنه لو ادعى بعد الثلاث عدم التقليد لم يقبل منه أخذا مما مر قبيل الفصل، لأنه يريد بذلك رفع التحليل الذي لزمه باعتبار ظاهر فعله، وأيضاً ففعل المكلف يصان عن الإلغاء لا سيما إن وقع منه ما يصرح بالاعتداد كالتطليق ثلاثاً هنا. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني