الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من سقط جنينها بسبب جهد

السؤال

امرأة سقط جنينها وهي حامل في الشهر الرابع بسبب عمل فيه مجهود بدون علم منها بأن هذا المجهود سوف يتسبب في إسقاط الجنين فما الحكم؟ هل تعتبر في حكم القتل غير العمد وتصوم شهرين متتابعين؟ وماذا تفعل إن جاءتها الدورة الشهريه أثناء الصيام؟ أم ماذا عليها؟ مع العلم بأن هذا المجهود عبارة عن عزومة غداء لأصحاب زوجها الذي طلب منها هذا العمل؟
جزاكم الله خيرا .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان العمل والمجهود الذي بذلته فيه المرأة يسبب مثله عادة إسقاط الجنين، ولم يكن لها علم بأن مثل ذلك العمل يمكن أن يترتب عليه الإجهاض، فإن على عاقلتها غرة: عبد أو وليدة، لما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه وأحمد في المسند عن المغيرة بن شعبة: أن امرأة قتلت ضرتها بعمود فسطاط، فأتي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى على عاقلتها بالدية، وكانت حاملا فقضى في الجنين بغرة، فقال بعض عصبتها: أندي من لا طعم ولا شرب ولا صاح فاستهل ومثل ذلك يطل؟! قال: فقال: سجع كسجع الأعراب.

والغرة تقدر بعشر دية الأم، وقولنا: إنها هنا على العاقلة؛ هو ما ذهب إليه الحنفية وهو الصحيح عن الشافعية، وعن المالكية والحنابلة أنها في مثل الحالة المسؤول عنها تكون في مال الجاني نفسه.

(قال الشافعي في الأم): وإذا جنى رجل على امرأة عمدا أو خطأ فألقت جنينا ميتا فعلى عاقلته غرة عبد أو أمة، يؤدون أيهما شاؤوا، من أي جنس شاؤوا.

وجاء في الموسوعة الفقهية ما يلي: الغرة تلزم العاقلة .. بالنسبة للجنين الحر عند فقهاء الحنفية... وهذا هو الأصح عند الشافعية, فقد قالوا: الغرة على عاقلة الجاني ولو الحامل نفسها؛ لأن الجناية على الجنين لا عمد فيها حتى يقصد بالجناية، بل يجري فيها الخطأ وشبه العمد... ويرى المالكية وجوب الغرة في مال الجاني في العمد مطلقا، وكذا في الخطأ؛ إلا أن يبلغ ثلث ديته فأكثر... أما الحنابلة فقد جعلوا الغرة على العاقلة إذا مات الجنين مع أمه وكانت الجناية عليها خطأ أو شبه عمد. أما إذا كان القتل عمدا، أو مات الجنين وحده فتكون في مال الجاني...

ومن حجة الفريق الأول مجموعة أحاديت قد لا تكون بالقوية جدا، ولعل بعضها يقوي بعضا، فمنها حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالغرة على العاقلة. ابن أبي شيبة عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم: جعل في الجنين غرة على عاقلة القاتلة وبرأ زوجها وولدها. ومن حديث المغيرة قال : قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على عاقلتها بالدية وغرة في الحمل . ومن مرسل ابن سيرين بلفظ : جعل الغرة على العاقلة. وأخرجه الدارقطني مطولا، ولأبي داود والترمذي من حديث المغيرة بن شعبة : أن امرأتين كانتا تحت رجل من هذيل فضربت إحداهما الأخرى بعمود.. الحديث وفيه: فقضى فيه بغرة، وجعله عاقلة المرأة.

وتتقوى هذه الأخبار بالحديث الذي ورد أول الفتوى، وإن كان مورده يختلف عن موضوع السؤال.

ثم إن المرأة عليها أن تكفر بعتق رقبة، فإن عجزت فصيام شهرين متتابعين وجوبا عند أحمد والشافعي، واستحبابا عند مالك وأبي حنيفة، والراجح الوجوب. ولك أن تراجعي في هذا فتوانا رقم: 54903.

وإذا جاءتها الدوره الشهرية أثناء الصيام فإنها تفطر أيام الدورة ثم بعد انتهائها تبني على ما صامته قبلها. ولك أن تراجعي في هذا أيضا فتوانا رقم: 68490.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني