الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

هذه مشكلة لقريبة لي ، هي متزوجة ولديها خمسة أطفال ، وهي الزوجة الثالثة ، زوجها لا يصرف عليها (بحكم أنها تعمل ) ، والمشكلة هنا أنه يتركها تصرف على البيت والأطفال ولا ينفق من ماله شيئا مع أن حالته المادية ليست سيئة. كما أنه يصرف على الزوجة الأولى بترف ويعطيها ما تريد هي وعيالها من المبالغ المالية التي تصرف للماركات العالمية وكلما طالبوا بمبلغ (صغيرهم أو كبيرهم ) أعطاهم من دون تردد .الزوجة الثانية أيضا ينفق عليها ولكن ليس كالزوجة الأولى,أما هي فلا ينفق عليها حتى ريالاً واحداً .وللأسف فقد قبلت بالزواج به دون أن يسلمها مهرها ( لأن حالته المادية كانت متدهورة حسب زعمه ) .وعندما تطالبه بحقها ( يهددها بالطلاق ) . ما فجر الموضوع الآن هو أنه يستعد بالزواج من الرابعة ، وقد جهز لها مبلغ ( 180000 ) ريال .وقريبتي في حالة من الحزن لأنه خدعها وتقول : (صدقته ) لأنه يخاف ربه ويصلي الصلوات في المسجد . وتريد الآن نصيحة من حضرتكم تعيد لها حقها ، وماذا تفعل ؟؟.ولكم جزيل الشكر .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيجب على هذا الرجل المذكور أن يتقي الله تعالى في زوجته، وأن يعطيها مهرها إذا حل أجله وكان موسرا به كاملا غير منقوص. قال تعالى : وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا {النساء:4} وليعلم أنه لا يجوز له بعد حلوله إن كان موسرا به أن يماطل فيه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : مطل الغني ظلم . متفق عليه ، ولا أن يتحايل على تأخير لا تطيب به نفس المرأة بأي وسيلة كالتهديد بالطلاق ونحو ذلك، وليعلم كذلك أن ما لم يؤده إليها من حقها فهو دين في ذمته سيؤديه يوم القيامة حيث لا درهم ولا دينار ما لم تسامحه فيه الآن ، وكذا ما يجب عليه من النفقة لها ولأولادها الفقراء ولو كانت غنية ما لم يكن قد شرط عليها أن تنفق على نفسها وأولادها من راتب عملها لقاء إذنه لها بالخروج والعمل كما بينا في الفتوى رقم : 39554 .

وعليه أن يتقي الله سبحانه وتعالى في من تحت يده من النساء والعيال فهم أمانة في عنقه محاسب عليها، ومسؤول عنها يوم القيامة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأب راع في بيته ومسؤول عن رعيته . الحديث متفق عليه ، وقال صلى الله عليه وسلم : كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت . رواه أحمد وأبو داود وصححه السيوطي والنووي وحسنه الألباني .

وعليه أن يعلم أن الله سبحانه وتعالى إنما أباح التعدد لمن يستطيع العدل ويقدر عليه ويفعله. قال تعالى : فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً {النساء: 3} ذلك لأن للتعدد واجبات وشروطا كثيرة ومن لم يوف بها جاء يوم القيامة وشقه مائل؛ كما في الحديث : من كانت له امرأتان يميل مع إحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط . وقد فصلنا القول في ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية : 2967 ، 13518 ، 77200 ، وللفائدة نرجو مراجعة الفتويين رقم : 3698 ، 8497 ، وينبغي إطلاعه على تلك الفتاوى عله يتعظ .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني