الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تداوي المرأة عند الطبيب

السؤال

أعاني من شبه صلع أو أقل حدة في مقدمة الرأس و يوجد بالمدينة مراكز متخصصة لعلاج هذه الحالة؛ لكن من يقوم بالتشخيص رجل بينما تقوم سيدة بالعلاج حسب وصفه (علما بأنني حاولت العلاج عند طبيبة لكنها لم تنجح معي) و منعني والدي بحجة أن شعري عورة ولا يجوز كشفه للمعالج مهما كانت الأسباب؛ لكنني أستشعر عدم الحرمانية فيه حيث أنه للعلاج و ليس للزينة ؛ أرجو إفادتي بالرأي الصواب و شكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فيجوز للمرأة أن تتداوى عند طبيب رجل في قول عامة أهل العلم، إذا دعت الضرورة إلى ذلك، ولم توجد امرأة تطببها، ولو كافرة.
وأما ما لا يصل إلى حد الضرورة ، كألم يمكن تحمله، أو تشويه يراد علاجه، ونحو ذلك من الحاجات، فقد أجاز جماعة أهل العلم اطلاع الطبيب عليها أيضا، وذلك بشروط:
الأول: ألا توجد امرأة تصلح لذلك، مسلمة أوكافرة.
الثاني: أن يكون ذلك في حضور محرم لها.
الثالث: ألا تكشف إلا موضع المرض، وأن تستر ما عداه ستراً جيداً.
الرابع: اشترطه بعض الفقهاء، وهو: أن يكون الطبيب أميناً.
فالمرأة يجوز لها أن تتداوى عند طبيب رجل إذا دعت إلى ذلك ضرورة أو حاجة في قول هذه الجماعة من أهل العلم، وكلما كان موضع الداء في الوجه، أو اليدين، أو ما يقرب من ذلك أبيح لمطلق الحاجة، وكلما قرب من العورة المغلظة اشترط وجود الحاجة المؤكدة، أو الضرورة.
قال العز بن عبد السلام - رحمه الله- في قواعد الأحكام:
( ستر العورات واجب، وهو من أفضل المروءات، وأجمل العادات، ولا سيما في النساء الأجنبيات، لكنه يجوز للضرورات والحاجات.
أما الحاجات: فكنظر كل واحد من الزوجين إلى صاحبه... ونظر الأطباء لحاجة الدواء...
وأما الضرورات: فكقطع السلع المهلكات، ومداواة الجراحات المتلفات، ويشترط في النظر إلى السوءات لقبحها من شدة الحاجة، ما لا يشترط في النظر إلى سائر العورات.
وكذلك يشترط في النظر إلى سوأة النساء من الضرورة والحاجة ما لا يشترط في النظر إلى سوأة الرجال، لما في النظر إلى سوءاتهن من خوف الافتتان، وكذلك ليس النظر إلى ما قارب الركبتين من الفخذين، كالنظر إلى الأليتين). انتهى.
وقال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج:
(واعلم أن ما تقدم من حرمة النظر والمس، هو حيث لا حاجة إليهما، وأما عند الحاجة، فالنظر والمس مباحان لفصد، وحجامة، وعلاج، ولو في فرج للحاجة الملجئة إلى ذلك، لأن في التحريم حرجاً، فللرجل مداواة المرأة وعكسه، وليكن ذلك بحضرة محرم، أو زوج... ويشترط عدم امرأة يمكنها تعاطي ذلك من امرأة، وعكسه...
ولو لم نجد لعلاج المرأة إلا كافرة ومسلماً، فالظاهر كما قال الأذرعي: أن الكافرة تقدم، لأن نظرها ومسها أخف من الرجل.
إلى أن قال: ويعتبر في النظر إلى الوجه والكفين مطلق الحاجة، وفي غيرهما عدا السوأتين تأكدها... وفي السوأتين مزيد تأكدها بأن لا يعد التكشف بسببها هتكاً للمروءة، كما نقلاه عن الغزالي وأقراه). انتهى.
وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية:
(فإن مرضت امرأة، ولم يوجد من يطبها غير رجل جاز له منها نظر ما تدعو الحاجة إلى نظره منها حتى الفرجين، وكذا الرجل مع الرجل. قال ابن حمدان: وإن لم يوجد من يطبه سوى امرأة، فلها نظر ما تدعو الحاجة إلى نظره منه حتى فرجيه.
قال القاضي [أبو يعلى]: يجوز للطبيب أن ينظر من المرأة إلى العورة عند الحاجة إليها نص عليه (أي الإمام أحمد) في رواية المروزي، وحرب والأثرم، وكذلك يجوز للمرأة"). انتهى.
والحاصل أنه إذا كان ما ذكرت من الحدة أو شبه الصلع في مقدمة رأسك مشوها، أو يخشى امتداده، ولم تجدي طبيبة تقوم بعلاجه، جاز لك الذهاب إلى طبيب يقوم بتشخيص الحالة كما ذكرت، في حضور محرم لك، مع ستر جميع الرأس إلا موضع العلة. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني