الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا توارث بين أهل ملتين ولو كانا زوجين

السؤال

إذا تزوج المسلم من فتاة من أهل الكتاب، هل يجوز لها أن تبقى على دينها، وإذا توفي الزوج فهل ترث، وإذا توفيت أين تدفن، وهل تجوز الصلاة عليها والدعاء لها بالرحمة؟جزاكم الله كل خير

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد أحل الله تعالى للمؤمن نكاح المؤمنة المحصنة العفيفة، وبين تعالى أن المؤمنة ولو كانت أمة خير من المشركة ولو أعجبت الناس. قال تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم) [البقرة:221 ].
والعلة في ذلك ذكرها الله تعالى بقوله: (أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه) [البقرة:221 ].
واستثنى الله تعالى من المشركات الكتابيات (النصرانيات واليهوديات)، حيث إن الكتابيات يشتركن مع المسلمات في بعض العقائد، كالإيمان بالله واليوم الآخر والحساب والعقاب ونحو ذلك، مما عساه أن يكون مساعداً في هدايتهن إلى الإسلام.
وقيد سبحانه جواز نكاح الكتابية بأن تكون محصنة (عفيفة)، قال تعالى: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) [المائدة: 5].
فإن كانت غير محصنة (غير عفيفة) فلا يحل نكاحها. ولذلك كان عمر رضي الله عنه يمنع من ذلك، ونهى الصحابة عنه.
والأولى للمسلم أن يتزوج بمسلمة لعدة أمور، منها:
- أن المسلمة تربي أولاده على الإسلام، وليس هناك خلاف بينهما لاشتراكهما في دين واحد، فلا يضر بقاء الأولاد معها في حال المفارقة بموت أو طلاق.
- أنه لا يأمن المسلم من أن تؤثر الكتابية على أولاده فينشئوا متأثرين بعقيدتها وسلوكها.
- أن الغالب على هؤلاء ـ لا سيما الأوروبيات ـ ترك الدين الذي ينتسبون إليه إلى مذاهب وملل أخرى، كالوجودية والإلحاد، ولا ارتباط لهن بدينهن. فهن في الحقيقة لا دين لهن. كما أن الغالب عليهن عدم العفة وهو شرط معتبر في جواز نكاحهن. ومع ذلك فإن وثق من الكتابية في عفتها، وأنها باقية على دينها فإن الأصل جواز نكاحها.
لكن ننصح بعدم اللجوء إلى الزواج منهن إلا في أضيق نطاق لما ذكرنا. وليعلم أن التحريم ليس وحده هو الحاجز، بل هناك مفاسد ومشاكل تنشأ من مثل هذه الزيجات، تجعل تركها أحمد في العاقبة، وأهنا للعيش.
ويزداد الأمر خطورة بالنسبة لليهوديات في الوقت الحاضر لأن اليهود قوم بهت ماكرون، وقد يستعملون لصالح حربهم المعلنة على المسلمين بعض نسائهم في جلب الشر إلى المجتمعات الإسلامية والتجسس عليها، وهذا أسلوب معلوم عندهم في حرب من يعاودونهم.
هذا من حيث مبدأ الزواج من الكتابيات، فإذا حصل الزواج، فإنه في حال الوفاة لا يرث أحدهما الآخر، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يرث مسلم كافراً، ولا كافر مسلماً" متفق عليه.
وإذا توفيت فإنها تدفن في مقابر الكافرين، ولا تدفن في مقابر المسلمين، فإن لم يكن للكافرين مقبرة يدفنون فيها دفنت في موضع منفرد، ولا تجوز الصلاة عليها، ولا الدعاء لها بالمغفرة، لأنها ماتت على الشرك قال تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) [التوبة:113]. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني