الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

متى تجب الغرة في إسقاط الجنين

السؤال

من فضلكم ، سيدة قامت بعملية إجهاض وهي حامل في شهر ونصف ، وحيث أنها قد علمت بأنها قد ارتكبت معصية كبرى وأنها قد قتلت نفسا عمدا لأنها كانت مدركة تماما لما كانت تفعله ، ولقد أقدمت على ذلك الفعل لأنها لاتملك المال لإجراء عملية قيصرية فهي تلد دائما بالعملية القيصرية علاوة على أنها تشكل خطرا على حياتها، فهذه كانت سوف تكون هي المرة الرابعة التي تلد فيها بواسطة هذه العملية . والآن هي تسأل عن مقدار الدية الواجب عليها أداؤها بالدرهم المغربي ،وشكرا جزيلا لكم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإنه ما كان لهذه المرأة أن تقدم على هذه العملية إلا بعدما يقرر أطباء ثقات مؤتمنون ذوو خبرة أن الإبقاء على ذلك الحمل يشكل خطراً محققاً على حياتها، ففي هذه الحالة يرتكب أخف الضررين، أما قبل ذلك فلا يجوز الإقدام على هذه العملية، لما فيها من الاعتداء على خلق الله تعالى بغير حق شرعي، وإهلاك النسل والإفساد في الأرض، وقد نص العلماء على أن الإجهاض بغير حق شرعي يعتبر من جنس الوأد الذي كان أهل الجاهلية يفعلون لبناتهم وأبنائهم.
أما الآن وقد حصل ما حصل، فعلى هذه المرأة أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً، وتكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة، عسى الله أن يتوب عليها، ويكفر عنها خطيئتها، ويغفر لها ذنبها.
ثم إن الفقهاء اتفقوا على أنه تجب في إجهاض الجنين غرة، وهي عبد صغير، أو أمة، لما في الصحيحين أن أبا هريرة قال: اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر، فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقضى أن دية جنينها غرة: عبد، أو وليدة.
وقالوا: إن قيمة هذه الغرة - إن لم توجد - عشر دية الأم، واتفقوا على أن هذه الغرة تلزم في الجنين الذي استبان بعض خلقه، لأنه في تلك الحالة يعلم أنه صائر إلى إنسان.
واختلفوا فيما إذا حصل الإجهاض قبل ذلك، هل تلزم فيه الغرة أم لا تلزم؟.
والذي نرى ترجيحه هو أنه متى خرج الحمل عن طور النطفة (وذلك بعدما يمر عليه أربعون يوماً، ويدخل في الأربعين الثانية)، فإنه تلزم فيه غرة، سواء كان علقة، أو مضغة، أو غير ذلك، لأن التخلق الذي اشترطه أولئك الذين لا يرون الغرة إلا في الجنين الذي استبان فيه، تبدأ بواكيره في أول الأربعين الثانية، كما دل على ذلك الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مر بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكاً، فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها..." إلى آخر الحديث. وبما أن هذا التخلق خفي لم يكن مُدْرَكاً عند الأقدمين لم يعتبره من اشترط التخلق منهم ليتأكد أن هذا بداية خلق إنسانٍ.
أما الآن وقد أثبتت وسائل الكشف الحديثة أن التخلق يبدأ في هذه المرحلة، ثم يحصل العلم أن هذا بداية خلق إنسانٍ، فإنه ينبغي اعتباره، وبناء الحكم عليه، وترجيح قول الفريق الآخذين بذلك.
وبناءً على ذلك، فإن ما قامت به هذه المرأة تلزم فيه غرة، أو قيمتها، لأنه حصل في الأربعين الثانية قطعاً.
ومعرفة تلك القيمة بالدرهم المغربي سهلة، وذلك بأن تسأل عن دية المرأة بالدرهم المغربي، وعشر تلك الدية هو قيمة الغرة.
ولله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني