الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الترغيب في قبول اعتذار الأهل

السؤال

أنا مذبذبة في علاقتي بأهلي بسبب حدوث مشاكل منذ فترة، وهم اعتذروا لي عن خطئهم، ولكن هذا التغيير من ناحيتهم متأخر، فبالتالي لم يؤثر فيّ. أريد أن أنسى ما فات، وأتعامل معهم من جديد، ولكني لا أستطيع.
أفيدوني أفادكم الله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الشيطان عدو للإنسان، يسعى بشتى الوسائل للإيقاع بين المؤمنين، ففي صحيح مسلم عن جابر -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم.

وقد أمر الله عباده المؤمنين أن يصلحوا بين كل مسلمين متخاصمين، حيث قال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (الحجرات: 10).

قال القرطبي -رحمه الله- في تفسيره: قَوْلُهُ تَعَالَى:" فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ" أَيْ بَيْنَ كُلِّ مُسْلِمَيْنِ تَخَاصَمَا. وَقِيلَ: بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: أَرَادَ بِالْأَخَوَيْنِ الطَّائِفَتَيْنِ، لِأَنَّ لَفْظَ التَّثْنِيَةِ يَرِدُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْكَثْرَةُ، كقوله تعالى:" بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ" [المائدة: 64] . وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَيْ أَصْلِحُوا بَيْنَ كُلِّ أَخَوَيْنِ، فَهُوَ آتٍ عَلَى الْجَمِيعِ. اهـ.

فإذا كان أهلك قد أخطأوا في حقك، وتقدموا إليك بالاعتذار، فعليك أن تقبلي ذلك، ولا تطيعي الشيطان في عدم قبول اعتذارهم، قبول الاعتذار من شيم الأخيار، لك في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة، فقد لا يرد معتذرا.

والشيطان إنما يزين للمرء عدم قبول الاعتذار لتدوم العداوات، وتستمر الشحناء بين المسلمين. ففي الصحيحين من حديث أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيصد هذ،ا ويصد هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. واللفظ للبخاري.

وهذا إذا كنت تعنين بالأهل الإخوة، ومن في درجتهم، أو أبعد في القرابة، وأما إذا كنت تعنين الأبوين أو أحدهما، فإنك تكونين مخطئة خطأ كبيرا في ما ذكرته من تذبذب في علاقتك بهم.

فالوالد أوسط أبواب الجنة، كما جاء في الخبر الصحيح، وفي رضاه رضا الرب تعالى. روى الترمذي من حديث أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه.

وروى الترمذي أيضا من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني