الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدعاء على النفس وحكم الإجبار على اليمين

السؤال

أمي أجبرتني أن أحلف على المصحف بوضع يدي عليه في ترك شيء معين وأجبرتني أن أدعو على نفسي أن الله ينتقم مني إذا رجعت وأنا رجعت فما حكم كفارة هذا اليمين، وهل الله سينتقم مني لأن قلت على نفسي هذا الدعاء بالرغم أن أمي أجبرتني عليه، أرجو أن تقولوا لي ما كفارة هذا اليمين وماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الدعاء على النفس، فقال: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيسجيب لكم. أخرجه مسلم في صحيحه، ولا ينبغي لأمك أن تطلب منك ذلك، ويحسن أن تبيني لها هذا الأمر بلطف.

وأما حكم هذه اليمين فإن كانت أمك أكرهتك عليها فلا تنعقد لأن من شروط انعقاد اليمين الاختيار، لحديث: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه وابن حبان والدارقطني والطبراني والبيهقي، وحسنه النووي رحمه الله تعالى. وعلى هذا جمهور العلماء، خلافاً لأبي حنيفة، قال ابن قدامة في المغني: ولا تنعقد يمين مكره. وبه قال مالك، والشافعي، وقال أبو حنيفة: تنعقد، لأنها يمين مكلف، فانعقدت، كيمين المختار، ولنا ما روى أبو أمامة، وواثلة بن الأسقع، أن رسول الله صلى عليه وسلم قال: ليس على مقهور يمين. ولأنه قول حمل عليه بغير حق، فلم يصح ككلمة الكفر.

والإكراه المعتبر هو الإكراه الملجئ بالتهديد بالضرب أو نحوه مما يتأذى منه عادة، وإن كانت لم تكرهك وإنما طلبت منك ذلك وشددت عليك في القول ولو أنك خالفت أمرها لما أوقعت بك العقوبة فلست بمكرهة ويمينك منعقدة وعليك كفارة للمخالفة، وكفارة اليمين قد بيناها في فتاوى سابقة فراجعي في ذلك الفتوى رقم: 204، والفتوى رقم: 17345.

وأما هل سينزل الله العقوبة بك لكونك خالفت ما حلفت عليه؟ فالجواب: أننا نرجو أن لا يقع ذلك، فأكثري من دعاء الله تعالى، فإن الدعاء من الأسباب الدافعة للبلاء، ونحذرك من عقوق أمك ومخالفتها إذا أمرتك بفعل شيء ليس فيه معصية لله عز وجل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني