الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في الاختلاط والغيرة والحب

السؤال

أنا شاب عندي 25 عاما من النوع غير المختلط مع النساء لم أمر أبداً بتجربة علاقة أو ارتباط مع أي فتاة ولا حتى في مرحلة الجامعة لكني اضطررت أن أختلط مع النساء بعد ما عملت، رأيت فتاة زميلتي في أحد الكورسات التي أخذتها أعجبت بها وبأخلاقها، ثم فاتحتها أني أريد الارتباط بها (بدون مقابلات) حتى أول العام لأن ظروفي حالياً لا تسمح، ثم بعد ذلك أرتبط بها رسميا إما بالخطوبة أو بالزواج، فكان ردها أنها لا تريد الارتباط وصارحتني بأسباب رفضها للارتباط أنها كانت مرتبطة بشخص أيام المرحلة الجامعية مدة أربع سنوات ثم لم يحدث نصيب، وكان ردها لي أنه يمكن أن نتعرف ببعضنا البعض عبر الخطوبة، احترمت ردها وسبب رفضها، لكن المشكلة عندي أني لا أقدر أخطب حالياً لأن ظروفي حالياً لا تسمح بذلك، مع العلم بأني من رافضي الارتباط إلا عبر الخطوبة ولكنه طبقاً لظروفي وحرصي الشديد على الزواج من هذه الفتاة وإحساسي بأنها مناسبة واعتقادي بأنني سوف لا أجد مثلها، أجبرني على أن أفاتحها حتى لا تضيع مني، وأيضاً لكي أريح نفسي لأني كنت أعيش حالة نفسية سيئة بسبب أني كنت أكتم إعجابي بها لنفسي دون أن ألمح لها بذلك لأني شديد الحياء، هنا عندي خمسة أسئلة: 1- موضوع ارتباط هذه الفتاة بشخص لمدة أربع سنوات يجعلني أتردد في خطبتها، حيث إني اشعر بحساسية شديدة كلما تذكرت موضوع ارتباطها، ويجعلني أعيش في حالة نفسية سيئة، حيث إنني كنت غير مختلط حتى عامين فقط مضت عندما عملت، ولم أمر بتجربة ارتباط بأي فتاة من قبل وكلما أتذكر هذه الفتاة أتخيلها مع هذا الشخص الذي كانت مرتبطة به وأخشى أن يستمر هذا التخيل معي إلى الأبد، وأيضاً مجرد ان تتحدث هذه الفتاة مع أي زميل أو شاب يجعلني أشعر بحساسية شديدة، فهل أرتبط بها أم لا، أم هي مشكلة بي أنا؟ 2- توجد بعض الأشياء التي لا تعجبني بها (في الصفات فقط وليس شيء متعلق بالتدين أو بالتصرفات)، مثال مثلاً أنها غير اجتماعية أو شبه منطوية مما يجعلني أشعر أنها غامضة ورغم ذلك قلت لها رأيي في ذلك، فقالت لي أنها عادية جداً ولكن هذا طبيعة شخصيتها، لهذا أشعر في بعض الأحيان بأنني تسرعت في الاختيار، علماً بأني شعوري الحالي أنني لا أستطيع أن أبعد عنها أو أقترب منها لسببين أساسيين وهما ارتباطها السابق وصفة أنها غير اجتماعية أو غامضة على حد قولي؟ حيث أني لم أمر بتجربة من قبل، فلا أعرف هل إعجابي بهذه الفتاة يعتبر (حبا) أم مجرد (إعجاب) وسوف يزول، حيث شعوري الحالي تجاه تلك الفتاه أني أفكر بها ليلا ونهارا وهذا الشعور مستمر منذ 8 أشهر حتى الآن، أم هو نتيجة عدم اختلاطي مع الفتيات لذلك يُشبه لي أنه حب، أم أنا متسرع وأقوم بالبحث عن فتاة أخرى.
3- عندي كبت منذ سنتين تجاه الفتيات، حينما أرى شابا وفتاة مع بعضهما في أي مكان مثلأ في الشارع حيث أشعر بعجز غريب وعقدة شديدة وأسأل نفسي لماذا لم أعش حياتي مثل هؤلاء الشباب، حيث كنت أحرم نفسي من الاختلاط مع الفتيات إرضاء لوجه الله الكريم، وهذا العجز يجعلني والعياذ بالله أندم على عدم اختلاطي بالفتيات.
4- عندي إصرار على الزواج في أقرب فرصة لكبت شهوتي وخوفي الشديد من الوقوع في الرذيلة والعياذ بالله فهل حل هذا هو الزواج أم لا رغم عدم استعدادي حالياً؟
5- سؤال لكم هل الزواج يكون بالعقل أم بالعاطفة بمعنى أن يكون هناك حب قوي أم زواج بالعقل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فعدم الاختلاط بالنساء هو الذي يجب على الشاب العمل به، وأما الاختلاط بهن على وجه غير شرعي فهو أمر غير شرعي، وفتنة عظيمة، ففي الحديث: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. كما في الصحيحين وغيرهما. فينبغي أن يكون تعاملك معهن على قدر الحاجة، مع غض البصر، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 2096.

وأما الفتاة التي أعجبك خلقها، فلا يكفي الخلق بغير دين، فلا بد أن يعجبك دينها، فإذا كانت مرضية في الدين فاظفر بها، وأما بشأن ما تشعر به من حساسية تجاه علاقتها السابقة بذلك الشاب، فهذه تسمى غيرة، والغيرة أمر طبيعي، وليست مشكلة فيك، بل هي خصلة من خصال الرجولة والإيمان، لكنها إذا زادت عن حدها انقلبت ضدها، فالمشكلة ليست في الغيرة ذاتها بل في زيادتها عن الحد، فاعرف حدود الغيرة الشرعية والزمها، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 71340.

ومسألة ارتباطها بالشاب لا يقدح في دينها إذا كان مجرد اتفاق على الزواج، ولم يحصل خلاله ما يخشى منه، وهذا ما نظنه بها، وما ينبغي أن تظنه، لأن الأصل في المسلم السلامة، ولا داعي للحساسية من مثل هذا الأمر، فإن المرأة تتزوج وتنجب من الرجل، فيحصل الطلاق، فيتزوجها آخر فيسعد معها وتسعد معه، وتنسى الأول، فما بالك بمجرد ارتباط، وكونها غير اجتماعية وانطوائية على حد قولك فهذه طبيعة بعض الأشخاص ولا يسبب ذلك تأثيرا على علاقتهم الزوجية، بل كونها انطوائية أدعى أن تكون غير منبسطة في العلاقة مع الشاب الذي ارتبطت به ومع غيره من الرجال.

وحول سؤالك عن الحب نقول: الحب المأذون فيه شرعاً إنما يكون للزوجة وقد سماه الله عز وجل مودة ورحمة، فهذا هو الحب الشرعي الذي يدوم، وما سواه مما يسمى حبا لغير الزوجة، فهو عشق محرم، وتعلق بالصور، يشغل قلب صاحبه وفكره عما ينفعه في دينه ودنياه، ويجره إلى ما لا تحمد عقباه، وعليه أن يحارب هذا الشعور، ويقطع أسبابه، وانظر الفتاوى المتعلقة بداء العشق وكيفية العلاج منه، ومنها الفتوى رقم: 9360.

واعلم أن عدم الاختلاط بالنساء على الوجه الممنوع أمر محمود ويؤجر صاحبه عليه إن تركه اتقاء وابتغاء مرضاة الله تعالى وامتثالاً لأمره صلى الله عليه وسلم بذلك، فينبغي لك أن تحمد الله وتشكره أن عصمك منه وعافاك، فإن هذه العلاقات بلاء ووبال على أصحابها باعترافهم، واعلم أن هذا الشعور سيزول بعد الزواج، وأن خير حل لما تعاني منه هو الزواج، فعليك به، والله سبحانه سيعينك عليه، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 23244.

ومسألة هل الزواج يكون بالعقل أم بالعاطفة، لا شك أن الزواج أمر يحتاج إلى تأنٍ وحسن اختيار، واستشارة واستخارة، وأما العاطفة فإنها تأتي بعد الزواج -إن شاء الله تعالى- إن أحسن الشخص الاختيار وراعى الدين والخلق، وإذا وجدت قبله فهي خير وبركة، ولا ينبغي أن تكون هي الأساس الوحيد الذي يبني عليه الشاب اختياره، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني