الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب أهل العلم في ترتيب قضاء الفوائت

السؤال

لقد قرأت في فتواكم الموقرة رقم 512 حول كيفية أداء الصلاة الفائتة مع مراعاة الترتيب بين الفوائت، ماذا يفعل من لم يكن يرتب في قضاء الصلاة الفائتة, المغرب ثم العصر ثم الظهر.. إلخ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف أهل العلم في ترتيب قضاء الفوائت وهو أن يبدأ بأول الصلاة فواتاً ثم التي تليها هل هو واجب أو مندوب؟ فذهب الحنفية والمالكية إلى وجوبه إن قلَّت الفوائت بأن كانت صلوات يوم وليلة فأقل، وذهب الحنابلة إلى وجوبه مطلقاً، وذهب الشافعية إلى ندبه مطقاً، فإن لم يرتب في الفوائت الكثيرة فصلاته صحيحة عند الجمهور ولا إثم عليه، وصرح الحنابلة بعدم جواز ذلك، ووجوب إعادتها ولو كان جاهلاً بعدم وجوب الترتيب، قال الشيخ الرحيباني رحمه الله في مطالب أولي النهى: ولا يسقط الترتيب إن جهل وجوبه، لقدرته على التعلم فلا يعذر بالجهل لتقصيره. بخلاف الناسي.

وأما الترتيب في الفوائت القليلة فهو واجب عند المالكية كما سبق، لكنه ليس بشرط عندهم فلو صلاها بدون ترتيب متعمداً فصلاته صحيحة مع الإثم، وهي صحيحة عند الشافعية الذين لم يوجبوا الترتيب.

وعليه.. فنقول: من صلى غير مرتب فيما مضى لا سيما مع الجهل فصلاته صحيحة، وننصحه بالترتيب في المستقبل لأنه الأحوط؛ وإلا فليس هناك دليل صريح على وجوب الترتيب، قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: مذهبنا أنه لا يجب ترتيبها ولكن يستحب، وبه قال طاوس والحسن البصري ومحمد بن الحسن وأبو ثور وداود. وقال أبو حنيفة ومالك: يجب ما لم تزد الفوائت على صلوات يوم وليلة... وقال زفر وأحمد: الترتيب واجب قلت الفوائت أم كثرت. قال أحمد: ولو نسي الفوائت صحت الصلوات التي يصليها بعدها... واحتج لهم بحديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نسي صلاة فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام، فإذا فرغ من صلاته فليعد الصلاة التي نسي ثم ليعد الصلاة التي صلاها مع الإمام. وهذا حديث ضعيف ضعفه موسى بن هارون الحمال (بالحاء) الحافظ. وقال أبو زرعة الرازي ثم البيهقي: الصحيح أنه موقوف، واحتج أصحابنا بأحاديث ضعيفة أيضاً، والمعتمد في المسألة أنها ديون عليه لا يجب ترتيبها إلا بدليل ظاهر، وليس لهم دليل ظاهر، ولأن من صلاهن بغير ترتيب فقد فعل الصلاة التي أمر بها فلا يلزمه وصف زائد بغير دليل ظاهر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني