حكم ترك الفرائض والزواج بسبب المرض النفسي وأدويته

23-1-2023 | إسلام ويب

السؤال:
أنا فتاة أعاني من الكثير من المشاكل الصحية الجسدية الوراثية التي لا تشفى، وعليَّ أن أستمر في أخذ الدواء طوال حياتي. كما أعاني من مشاكل نفسية وعقلية لا تشفى، وعليَّ أخذ الدواء طوال حياتي، وتسبب لي عائقا في أداء الفرائض والصوم، وفي العمل والدراسة، ولا أستطيع مع أخذ الدواء أن أعيش حياة طبيعية، أو تأدية الفرائض والصوم.
فهل عليَّ ذنب في عدم أداء الفرائض والصوم على الرغم من أنني أحاول جاهدة، ولكنني لا أستطيع الاستمرار والانتظام في أداء الفرائض والصوم، وأدعو الله كثيرا؟
فهل يجوز لي أن أرفض الزواج والإنجاب، حتى لا يعيش أبنائي مثل ما أعيش، ولا يكونون غير قادرين على العبادة، وعيش حياة مقبولة.
وكذلك مع مرضي من الصعب جدا الدخول في علاقة زواج، وأن تستمر، بسبب اضطراباتي النفسية؟ وهل أحاسب على عدم أداء الفرائض والصوم، مع أنني غير مدركة لهذا بسبب مرضي؟

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يشفيك شفاءً تامًّا، لا يغادر سَقَمًا، ويجمع لك بين الأجر والعافية، وبين تكفير السيئات، ورفعة الدرجات.

ونوصيك بالصبر، وكثرة الدعاء، والتضرع إلى الله سبحانه، وسؤاله الشفاء، وهو مجيب الدعاء. قال في محكم كتابه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}.

والله -تبارك وتعالى- على كل شيء قدير، لا يعجزه شيء في الأرض، ولا في السماء، وجعل لكل مرض شفاءه، علمه من علمه، وجهله من جهله. روى مسلم عن جابر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء، برأ بإذن الله عز وجل.

وعليك أيضا بالرقية الشرعية، فعسى الله أن يجعلها سببا لشفائك، فإنها نافعة -بإذن الله- من مختلف الأمراض، وأكثري من ذكر الله عز وجل، فإنه يقوي القلب، ويبعث الطمأنينة في النفس، قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}.

والمرض لا يبيح ترك شيء من الفرائض، أو التفريط فيها، ما دام صاحبها يعقل، فالعقل مناط التكليف، كما يقول الفقهاء. وعليه؛ فما دام معك عقلك، فالواجب عليك الالتزام بأداء الفرائض، ويجوز لك الترخص برخص الشرع في الجمع بين الصلاتين عند الحاجة لذلك، وكذلك الفطر في رمضان بسبب المرض المبيح للفطر، والقضاء بعد زوال العذر، إذا كان المرض مما يرجى الشفاء منه، وإن كان مزمنًا، فالواجب الإطعام عن كل يوم مسكينًا، لقوله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ {البقرة:184}.

ولعل الله يجعل المحافظة على الفرائض سببًا لإجابة الدعاء والشفاء.

وأما من لا يعقل: فهو غير مكلَّف، ولا إثم عليه في ترك الفرائض، ولا قضاء عليه لو رجع إليه عقله، كالمجنون يشفى.  روى أحمد وغيره عن علي -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل.

وبخصوص ترك الزواج، أو الإنجاب بسبب المرض الوراثي: فقد سبق وأن بينا أنه إذا أخبر الطبيب الثقة بأن المرض الوراثي سينتقل إلى الأبناء، فلا مانع من ترك الزواج؛ لأن الأصل عدم وجوب الزواج، إلا أن يخشى الزنا بتركه.

وراجعي للمزيد من التفصيل الفتوى: 62379.

هذا مع العلم بأن الزواج يمكن أن يكون سببا للشفاء من بعض الأمراض النفسية والعقلية.

ولمزيد الفائدة يمكنك التواصل مع قسم الاستشارات في موقعنا على الرابط:

http://consult.islamweb.net/consult/index.php ، فهنالك استشارات شرعية، وطبية، ونفسية.

والله أعلم.

www.islamweb.net