سكن الزوجة في بيت إخوة الزوج ومع أمه غير المسلمة

16-3-2005 | إسلام ويب

السؤال:
أنا سيدة متزوجة وأعيش في فرنسا مع زوجي منذ عدة سنوات وقد رزقنا بطفل بفضل الله يبلغ الآن عمره سنتين ومنذ أن رزقنا الله ذلك الطفل وأسرته المؤلفة من الأخوين المسلمين والأم الكافرة "مشركة" تطلب منا الانضمام والعيش معا في بيت واحد حيث تقطن الأسرة في بيت ملك في حين أننا نقطن في الإيجار ونعيش شيئا من الضيق المادي.. وتم ذلك حقيقة منذ عدة أشهر ورغم أني مانعت في بداية الأمر ألا أني وافقت في النهاية ورضخت لقول زوجي وقد اتفق مع أخوته على تقاسم جميع مصاريف البيت من طعام وغيره من ضرائب سنوية وشهرية على البيت وقد تم الأمر بموافقة الأم والتي كانت مسافرة لقضاء الاجازة وبدا الأمر على ما يرام إذ أنه بدا في رمضان وكان أجر إطعام الصائم يصبرني على خدمة عائلة زوجي مع عائلتي وحتى بعد مرور رمضان كنت أحاول الصبر قدر الإمكان لأنال أجر الصبر وأنال رضا الله بارضاء زوجي، ولكن ضيقي ازداد بسبب تأخر حماتي التي اتكلت علي وطالت اجازتها إلى ستة شهور، ومع ذلك صبرت وبعد ذلك عندما أتت لم ينقص الحمل بل زاد بسبب ما تحمله في قلبها من شرك وما تمارسه من شرك، وما تفعله من تصرفات تعتبر غير لائقة في ديننا ومن الضروري بالذكر أنها تهتم بنفسها جدا وتهمل بيتها وأولادها حتى من ناحية تجهيز الطعام فاضطر أنا لفعل كل شيء تقريبا.. المشكلة أن الضيق زاد كثيرا والهم ملأ قلبي وخصوصا أن ولدي غير عاداته من النوم باكرا والطعام في أوقات محددة وأصبح يرهقني حيث يتأخر في النوم وجدته ساهمت جيدا في هذا الأمر، وأيضا ساهمت في تعليمه كلمات غير مهذبة لا يقولها أحد غيرها في هذا البيت... وبعد ما ذكرت أحسست بضغط فظيع على نفسيتي وفقدان كل استقرار في حياتي.. أحسست أني في ابتلاء وكان همي أن أصبر صبرا جميلا.. ولا أعلم أن كان صبري جميلا حيث أني كنت كل فترة أذكر زوجي وأخوته بضرورة بر والدتهما.. ألا في معصية الله... ومن كل قلبي فعلت ذلك ابتغاء مرضاة الله.. وحاولت أن أتحمل قدر استطاعتي ألا يزعل مني أحد من أهل هذا البيت أو أن أخطا في حق أحدهم حتى يسهل الله لنا الخروج من هذا البيت، ولكن لم أكن أنجو من نوبات ضيق شديد تكاد تخنقني بسبب هذا الضيق، ويشهد الله أنه كان دائما في قلبي اأحساس بالرضا عن فعل ربي الكريم بي وأن الأمر فيه خير لي وأحساسي أني أستحق ما يجري لي لأنه ما جرى لي ألا بذنب ارتكبته..... فهل يسمى ما أفعل صبرا، وهل لصبري هذا مرتبة، وسؤالي الثاني: وحتى تكتمل الصورة يا شيخي الكريم فأني قد بدأت مراجعة نفسي بحثا عما فعلت فهداني الله إلى قراءة بعض الفتاوى بأن الحمو الموت فوجدت أنه قد يكون ذنبي أني تعجلت بالقدوم إلى منزل العائلة دون وجود محرم "حيث كما ذكرت أن حماتي كانت تزور بلادها" وكان زوجي يعمل وقتا أقل من الوقت الذي يعمله أخواه فيتواجدان قبله في البيت.. فهل فعلي هذا حقيقة ذنب، والأمر الآخر أني قدمت للمكوث مع حماتي رغم علمي المسبق بأنها مشركة وتمارس جميع طقوس شركها في هذا المنزل.. فهل موافقتي في المكوث مع تلك المرأة الكافرة ذنب أيضا والأمر الثالث: أني كنت أحيانا كما أخبرت فضيلتكم تنتابني نوبات هم شديد بسبب تصرفات حماتي من كفر ومن تصرفات فيها إساءة لي وكنت في بعض المرات لا احتمل فأخبر زوجي خصوصا بما أغاظني من أمه، فهل في هذا اغتياب فيه ما يغضب الله علما بأني أكون في حالة أفضل عندما يشاركني زوجي هموم وخصوصا أنه يتقي الله ويحاول التخفيف عني دون أن يؤثر ذلك على بره لأمه... وسؤالي الأخير: هل يجب للأم الكافرة نفس درجة البر الواجبة للأم المسلمة فحماتي من النوع الذي يستغل البر وإذا ما اعطاها الإنسان أصبعا تفضل أخذ الذراع... عذراً للإطالة؟ وجزاكم الله كل خير، وأسألك أيها الشيخ الفاضل أن تدعو لي أن يغفر الله لي ويفرج عني، فأني والله لازلت أعيش الظروف التي أخبرتك عنها، وأسال الله أن يهديكم وإياي إلى ما فيه رضاه.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنفصل الجواب على تساؤلات الأخت في الآتي:

أولاً: مسألة السكن مع أخوة الزوج: تقدم في فتاوى سابقة أنه لا حرج من السكن مع إخوان الزوج وأقاربه إذا كان البيت واسعا مع عدم الاشتراك في المرافق كالمطبخ والحمام والممرات ونحوها، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 53584.

ثانياً: مسألة الإقامة مع أم الزوج المشركة والعيش معها في مسكن واحد، فقد تقدم في الفتوى رقم: 21686، أنه لا مانع من الإقامة مع الكافر، إذا دعت الحاجة إلى ذلك.

ثالثاً: أما عن حكم إخبار زوجك بما أغاظك من تصرفات أمه والتي فيها كفر وإساءة لك وهل هذا من باب الغيبة فليس هذا من الغيبة المحرمة، فإن الغيبة تجوز في عدة مواطن منها غيبة الظالم عند من له سلطان، وتقدم بيانه في الفتوى رقم: 17592، والمجاهر بفسقه لا حرمة له لو كان مسلماً فكيف بالكافر.

رابعاً: مسألة هل يجب للأم الكافرة من البر ما يجب للأم المسلمة فتقدم في الفتوى رقم: 17264 أنه لا فرق في وجوب البر بين الوالد المسلم والوالد الكافرة لقوله تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15}، ولكن تزيد الأم المسلمة حق أخوة الإسلام.

خامساً: أما عن سؤال الأخت الفاضلة هل ما تفعله صبرا وهل لصبرها هذا مرتبة، فنقول نعم ما تفعلينه إن شاء الله من الصبر ومرتبة الصبر والصابرين كبيرة ورفيعة عند الله، وأجرهم عظيم قال الله تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ {الزمر:10}، ويمكنك الإطلاع على الفتوى رقم: 25111 لمعرفة ما أعد الله تعالى للصابرين ولا ننسى في الختام أن نؤكد على المعاني التي ذكرتها الأخت والتي هي من دأب المؤمن وحاله مع الشدائد والمصائب ومن شأن هذه المعاني أن تخفف عن المؤمن المصائب وتعينه على تجاوزها والخروج منها رابحاً غير خسران، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له. رواه مسلم.

أول هذه المعاني: الشعور أن ما أصابه إنما هو ابتلاء من الله ليعلم المحسن من المسيء، كما قال الله تعالى: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ {الملك:2}، ثانيها: الرضى عن الله وعن قضائه وقدره فلسان حال المؤمن ومقاله يردد (ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك)، ثالثها: الإيمان بأن ما قدره الله سبحانه فيه كل الخير للعبد: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216}، رابعها: الشعور أن ذلك بسبب ذنوب العبد ومعاصيه، خامسها: أن في ذلك كفارة لذنوبه وخطاياه، كما في الحديث: ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا غم ولا حزن ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه. رواه البخاري ومسلم.

وينبغي للأخت السائلة أن تحث زوجها على الانفراد في بيت مستقل وفي ذلك منافع كثيرة أولها اجتناب الاختلاط بغير المحارم والمحافظة على الولد من التأثر بهذه المرأة المشركة.

والله أعلم.  

www.islamweb.net