الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                        صفحة جزء
                        [ ص: 343 ] المسألة الرابعة : في الفرق بين العام والمطلق

                        اعلم أن العام عمومه شمولي ، وعموم المطلق بدلي ، وبهذا يصح الفرق بينهما ، فمن أطلق على المطلق اسم العموم ، فهو باعتبار أن موارده غير منحصرة ، فصح إطلاق اسم العموم عليه من هذه الحيثية .

                        والفرق بين عموم الشمول وعموم البدل ، أن عموم الشمول كلي ، يحكم فيه على كل فرد ، وعموم البدل كلي من حيث أنه لا يمنع تصور مفهومه من وقوع الشركة فيه ، ولكن لا يحكم فيه على كل فرد فرد ، بل على فرد شائع في أفراده يتناولها على سبيل البدل ، ولا يتناول أكثر من واحد منها دفعة .

                        قال في المحصول : اللفظ الدال على الحقيقة من حيث هي هي ، من غير أن يكون فيها دلالة على شيء من قيود تلك الحقيقة ، سلبا كان ذلك القيد أو إيجابا ، فهو المطلق ، وأما اللفظ الدال على تلك الحقيقة ، مع قيد الكثرة ، فإن كانت الكثرة كثرة معينة بحيث لا تتناول ما يدل عليها ، فهو اسم العدد ، وإن لم تكن الكثرة كثرة معينة ، فهو العام ، وبهذا ظهر خطأ من قال : المطلق هو الدال على واحد لا بعينه ، فإن كونه واحدا وغير معين قيدان زائدان على الماهية . انتهى .

                        فجعل في كلامه هذا معنى المطلق هو المطلق عن التقييد ، فلا يصدق إلا على الحقيقة من حيث هي هي ، وهو غير ما عليه الاصطلاح عند أهل هذا الفن وغيرهم ، كما عرفت مما قدمنا .

                        وقد تعرض بعض أهل العلم للفرق بين العموم والعام ، فقال : العام هو اللفظ المتناول ، والعموم تناول اللفظ لما يصلح له ، فالعموم مصدر ، والعام فاعل مشتق من هذا المصدر ، وهما متغايران ; لأن المصدر والفعل غير الفاعل . قال الزركشي في البحر ومن هذا يظهر الإنكار على عبد الجبار وابن برهان وغيرهما في قولهم : العموم اللفظ المستغرق ، فإن قيل : أرادوا بالمصدر اسم الفاعل ، قلنا : استعماله فيه مجاز ، ولا ضرورة لارتكابه مع إمكان الحقيقة .

                        [ ص: 244 ] وفرق القرافي بين الأعم والعام ، بأن الأعم إنما يستعمل في المعنى والعام في اللفظ ، فإذا قيل هذا أعم تبادر الذهن للمعنى ، وإذا قيل هذا عام تبادر الذهن لللفظ .

                        التالي السابق


                        الخدمات العلمية