الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
13214 - قال الشافعي : الناس عباد الله، فأولاهم أن يكون مقدما أقربهم [ ص: 302 ] لخيرة الله لرسالاته، ومستودع أمانته، وخاتم النبيين، وخير خلق رب العالمين محمد صلى الله عليه وسلم.

13215 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قراءة عليه قال: أخبرني أبو أحمد الدارمي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرني عبد الله بن أحمد بن حنبل ، فيما كتب إلي قال: وجدت في كتاب أبي : حدثني محمد بن إدريس الشافعي قال: لما أراد عمر بن الخطاب أن يدون الدواوين، ويضع على قبائلهم، ولم يكن قبلهم ديوان استشار الناس، فذكر بعض هذا الحديث.

13216 - قال أحمد : فهر بن مالك أصل قريش في أقاويل أكثر أهل العلم، فبنو هاشم يجمعهم أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم الثالث، وسائر قريش، بعضهم يجمعهم الأب الرابع عبد مناف، وبعضهم الأب الخامس قصي، وهكذا إلى فهر بن مالك ، فلذلك وقعت البداية ببني هاشم، لقربهم من النبي صلى الله عليه وسلم.

13217 - فإنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

13218 - وإنما جمع بين بني هاشم، وبني المطلب ابني عبد مناف في العطية لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بينهما في سهم ذي القربى.

13219 - وقال: "إنما بنو هاشم، وبنو المطلب شيء واحد، لم يفارقونا في جاهلية، ولا إسلام".

[ ص: 303 ] 13220 - وقال فيما روي عنه: "ربونا صغارا وحملونا كبارا".

13221 - وإنما قال ذلك والله أعلم فيما زعم أهل التواريخ أن هاشم بن عبد مناف تزوج بالمدينة سلمى بنت عمرو بن لبيد بن حرام من بني النجار، فولدت له شيبة الحمد، ثم توفي هاشم وهو معها، فلما أيفع وترعرع خرج إليه عمه المطلب بن عبد مناف، فأخذه من أمه، وقدم به مكة ، وهو مردفه على راحلته، فقيل: عبد ملكه المطلب، فغلب عليه ذلك الاسم فقيل: عبد المطلب.

13222 - وحين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرسالة آذاه قومه وهموا به، فقامت بنو هاشم، وبنو المطلب، مسلمهم، وكافرهم دونه، وأبوا أن يسلموه.

13223 - فلما عرفت سائر قريش أن لا سبيل إلى محمد صلى الله عليه وسلم معهم اجتمعوا على أن يكتبوا فيما بينهم على بني هاشم وبني المطلب أن لا يناكحوهم ولا ينكحوا إليهم، ولا يبايعوهم، وعمد أبو طالب فأدخلهم الشعب، وأقامت قريش على ذلك ثلاث سنين، حتى جهد بنو هاشم، وبنو المطلب جهدا شديدا.

13224 - ثم إن الله برحمته أرسل على صحيفة قريش الأرضة، فلم تدع فيها اسما لله إلا أكلته، وبقي فيها الظلم والقطيعة والبهتان، وأخبر بذلك رسوله صلى الله عليه وسلم، وأخبر به رسوله عمه أبا طالب، واستنصر به أبو طالب على قومه، وقام هشام بن عمرو بن ربيعة في جماعة ذكرهم ابن إسحاق في المغازي بنقض ما في الصحيفة وشقها.

13225 - فلما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين بني هاشم، وبني المطلب في العطية، وأخبر بما بينهما من الموافقة، فلذلك أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، حين وضع الدواوين جمع بينهما في سائر الأعطية، وقدمهما على بني عبد شمس، ونوفل [ ص: 304 ] .

13226 - وإنما وقعت البداية ببني عبد شمس قبل بني نوفل؛ لأن هاشما، والمطلب، وعبد شمس كانوا أخوة لأب وأم، وأمهم عاتكة بنت مرة، ونوفل كان أخاهم لأبيهم، وأمه واقدة بنت حرمل.

13227 - وأما عبد مناف، وعبد العزى، وعبد الدار بنو قصي، فإنهم كانوا أخرة، والبداية بعد بني عبد مناف إنما وقعت ببني عبد العزى، لأنها كانت قبيلة خديجة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فإنها خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى. قال: وفيهم أنهم من المطيبين.

13228 - وقد روينا، عن عبد الرحمن بن عوف ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "شهدت مع عمومتي غلاما حلف المطيبين، فما أحب أن أنكثه، وإن لي حمر النعم".

التالي السابق


الخدمات العلمية