وسط : وسط الشيء : ما بين طرفيه ; قال : إذا رحلت فاجعلوني وسطا إني كبير لا أطيق العندا أي اجعلوني وسطا لكم ترفقون بي وتحفظونني ، فإني أخاف إذا كنت وحدي متقدما لكم أو متأخرا عنكم أن تفرط دابتي أو ناقتي فتصرعني ، فإذا سكنت السين من وسط صار ظرفا ، وقول : الفرزدق
أتته بمجلوم كأن جبينه صلاءة ورس وسطها قد تفلقا
فإنه احتاج إليه فجعله اسما ; وقول الهذلي :ضروب لهامات الرجال بسيفه إذا عجمت وسط الشئون شفارها
فلا يستحمدون الناس أمرا ولكن ضرب مجتمع الشئون
شهم إذا اجتمع الكماة وألهمت أفواهها بأواسط الأوتار
الحمد لله العشي والسفر ووسط الليل وساعات أخر
وقالوا يال أشجع يوم هيج ووسط الدار ضربا واحتمايا
إذا ركبت فاجعلاني وسطا
ومنه الحديث : خيار الأمور أوساطها ; ومنه قوله تعالى : ومن الناس من يعبد الله على حرف ; أي على شك فهو على طرف من دينه غير متوسط فيه ولا متمكن ، فلما كان وسط الشيء أفضله وأعدله جاز أن يقع صفة ، وذلك في مثل قوله تعالى وتقدس : وكذلك جعلناكم أمة وسطا ; أي عدلا ، فهذا تفسير الوسط وحقيقة معناه ، وأنه اسم لما بين طرفي الشيء وهو منه ، قال : وأما الوسط ، بسكون السين ، فهو ظرف لا اسم جاء على وزان نظيره في المعنى وهو بين ، تقول : جلست وسط القوم أي بينهم ; ومنه قول أبي الأخزر الحماني :سلوم لو أصبحت وسط الأعجم
[ ص: 209 ] أي بين الأعجم ; وقال آخر :أكذب من فاختة تقول وسط الكرب
والطلع لم يبد لها هذا أوان الرطب
إني كأني أرى من لا حياء له ولا أمانة وسط الناس عريانا
كما عسل الطريق الثعلب
وليس نصبه على الظرف على معنى بين كما كان ذلك في وسط ، ألا ترى أن وسطا لازم للظرفية وليس كذلك وسط ؟ بل اللازم له الاسمية في الأكثر والأعم ، وليس انتصابه على الظرف ، وإن كان قليلا في الكلام ، على حد انتصاب الوسط في كونه بمعنى بين ، فافهم ذلك . قال : واعلم أنه متى دخل على وسط حرف الوعاء خرج عن الظرفية ورجعوا فيه إلى وسط ويكون بمعنى وسط كقولك : جلست في وسط القوم في وسط رأسه دهن ، والمعنى فيه مع تحركه كمعناه مع سكونه إذا قلت : جلست وسط القوم ووسط رأسه دهن ، ألا ترى أن وسط القوم بمعنى وسط القوم ؟ إلا أن وسطا يلزم الظرفية ولا يكون إلا اسما ، فاستعير له إذا خرج عن الظرفية الوسط على جهة النيابة عنه ، وهو في غير هذا مخالف لمعناه ، وقد يستعمل الوسط الذي هو ظرف اسما ويبقى على سكونه كما استعملوا بين اسما على حكمها ظرفا في نحو قوله تعالى : لقد تقطع بينكم ; قال القتال الكلابي :من وسط جمع بني قريظ بعدما هتفت ربيعة يا بني جواب
وسطه كاليراع أو سرج المج دل حينا يخبو وحينا ينير
وقد وسطت مالكا وحنظلا صيابها والعدد المجلجلا
وعمرو بن درماء الهمام إذا غدا بذي شطب عضب كمشية قسورا
وإن شئت سامى واسط الكور رأسها وعامت بضبعيها نجاء الخفيدد
يسط البيوت لكي تكون ردية من حيث توضع جفنة المسترفد
وسطت من حنظلة الأصطما
وفلان وسيط في قومه إذا كان أوسطهم نسبا وأرفعهم مجدا ; قال العرجي :كأني لم أكن فيهم وسيطا ولم تك نسبتي في آل عمرو
إن لها فوارسا وفرطا ونفرة الحي ومرعى وسطا
ونابغة الجعدي بالرمل بيته عليه تراب من صفيح موضع
[ ص: 211 ]
أما قريش أبا حفص فقد رزئت بالشام إذ فارقتك السمع والبصرا
كم من جبان إلى الهيجا دلفت به يوم اللقاء ولولا أنت ما صبرا
منهن أيام صدق قد عرفت بها أيام واسط والأيام من هجرا