الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : ( رجل صلى على مكان من الأرض قد كان فيه نجاسة فجفت وذهب أثرها جازت صلاته عندنا ) وقال زفر رحمه الله تعالى لا تجزئه ; لأن الشرط طهارة المكان ولم يوجد ، بدليل أن التيمم لا يجوز بهذا الموضع .

( ولنا ) قوله صلى الله عليه وسلم : { أيما أرض جفت فقد زكت } أي طهرت وقال : { زكاة الأرض يبسها } ثم النجاسة تحرقها الشمس وتفرقها الريح وتحول عينها الأرض وينشفها الهواء فلا تبقى عينها بعد تأثير هذه الأشياء فيها فتعود الأرض كما كانت قبل الإصابة ، وقد مر الفرق بين الصلاة والتيمم ، والصحيح من الجواب أنه لا فرق بين موضع تقع عليه الشمس أو لا تقع وبين موضع فيه حشيش نابت أو ليس فيه ; لأن الحشيش تابع للأرض ، فإن أصاب الموضع ماء فابتل أو ألقي من ترابه في ماء قليل ففيه روايتان : إحداهما أنه يعود نجسا كما قبل الجفاف ، والأخرى وهو الأصح أنه لا يتنجس ; لأن بعد الحكم بطهارته لم يوجد إلا إصابة الماء والماء لا ينجس شيئا ، بخلاف ما إذا أصابت النجاسة البساط فذهب أثرها ; لأن النجاسة تتداخل في أجزاء البساط فلا يخرجها إلا الغسل بالماء ، وليس من طبع البساط أن يحول شيئا إلى طبعه ، ومن طبع الأرض تحويل الأشياء إلى طبعها ، فإن الثياب إذا طال مكثها في التراب تصير ترابا ، فإذا تحولت النجاسة إلى طبع الأرض بذهاب أثرها حكمنا بطهارة الموضع لهذا ، وإن كان الأثر باقيا لم تجز الصلاة ; لأن طهور الأثر دليل على بقاء النجاسة .

التالي السابق


الخدمات العلمية