الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا هو السميع العليم

                                                          ولا يحزنك قولهم هذا نهي له - صلى الله عليه وسلم - حتى لا يبالى بهم ولا يأبه أو يحزن لما يقولون من تكذيب وتهديد ومن استهزاء وسخرية ومعاندة وإصرار على الكفر وطلبهم لعشيرته أن يسلموه لهم ليقتلوه، والنهي عن الحزن نهي عن الاستسلام له والانشغال به بل يستمر في دعوته، فالله عاصمه من الناس، وقد علل ذلك النهي بما يبين أن الغلب في النهاية له، فقال إن العزة لله جميعا وهذا استئناف في مقام التعليل للنهي السابق، والعزة هي الغلبة والسلطان وجميعها لله تعالى فلا عزة [ ص: 3607 ] لهم وإن استكبروا واستعلوا بالباطل وحاولوا إيذاء النبي ومن معه، ولم يذكر عزة للنبي - صلى الله عليه وسلم -; لأن عزته سبحانه وتعالى هي عزة للنبي - صلى الله عليه وسلم - إذ هو وليه والله ناصره إذ يدعو إلى سبيله ويناله ما يناله بسبب دعوته إلى الله ووحدانيته وجعل كلمة الله هي العليا وكلمة الكفر هي السفلى.

                                                          وقد طمأن الله نبيه، وهدد معانديه بقوله تعالى في ختام الآية: هو السميع العليم

                                                          والضمير يعود إلى لفظ الجلالة وهذان وصفان يؤكدان أولا - عزة الله تعالى وأنه وحده هو العزيز الغالب; لأنه سميع، أي: عالم علم من يسمع، عليم بكل أحوالهم ما خفي منها وما ظهر ومن كان كذلك فهو العزيز وحده، ثانيا - إنذارا لهؤلاء المستهزئين بعاقبة ما يقولون; لأنه يحاسبهم على ما يقولون ويستهزئون، والله هو الولي وهو الناصر القادر على كل شيء.

                                                          * * *

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية