الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : وضمن المزكون دية المرجوم إن ظهروا عبيدا ) يعني ضمن المزكون برجوعهم عن التزكية دية المرجوم إن ظهر الشهود أنهم ليسوا أهلا للشهادة عند أبي حنيفة وقالا هي على بيت المال ; لأنهم أثنوا على الشهود خيرا فصار كما إذا أثنوا على المشهود عليه خيرا بأن شهدوا بإحصانه وله أن الشهادة إنما تصير حجة وعاملة بالتزكية فكانت التزكية في معنى علة العلة فيضاف الحكم إليها بخلاف شهود الإحصان ; لأنه محض الشرط قيدنا بكونهم رجعوا بأن قالوا تعمدنا الكذب مع علمنا بأنهم ليسوا أحرارا ; لأنهم لو ثبتوا على تزكيتهم ولم يرجعوا أو قالوا : أخطأنا لم يضمنوا بالإجماع ; لأنهم أخطئوا فيما عملوا لعامة المسلمين فصاروا كالقاضي وأفاد بالمزكين أنهم أخبروا بحرية الشهود وإسلامهم وعدالتهم لتكون تزكية سواء كان بلفظ الشهادة أو بلفظ الإخبار ; لأنهم لو أخبروا بأنهم عدول ثم ظهروا عبيدا لم يضمنوا اتفاقا ; لأنها ليست تزكية ، والقاضي قد أخطأ حيث اكتفى بهذا القدر وقيد بالمزكين ; لأنه لا ضمان على الشهود ، والمسألة بحالها ; لأن كلامهم لم يقع شهادة ولا يحدون للقذف ; لأنهم قذفوا حيا وقد مات فلا يورث وقوله إن ظهروا عبيدا مثال بل المراد إن ظهر أنهم ليسوا أهلا للشهادة ولو كانوا كفارا ثم اعلم أنه وقع في كثير من الكتب وجوب الضمان على المزكين بظهورهم عبيدا من غير تقييد برجوع المزكين حتى جعلها في المنظومة مسألتين المسألة الأولى فيما إذا ظهروا عبيدا الثانية إذا رجع المزكون وليس الأمر كذلك .

                                                                                        والحاصل أن ظهور الشهود عبيدا وعدمه لا تأثير له في ضمان المزكين ، وإنما الموجب عليهم هو الرجوع فقط عند الإمام ، وإذا لم يرجعوا وظهروا عبيدا فالضمان في بيت المال اتفاقا ( قوله : كما لو قتل من أمر برجمه فظهروا كذلك ) أي يضمن المزكون الدية كما يضمن القاتل لمن أمر القاضي برجمه فظهر الشهود أنهم ليسوا أهلا للشهادة وفي القياس يجب القصاص على قاتله ; لأنه قتل نفسا معصومة بغير حق ، وجه الاستحسان أن القضاء صحيح ظاهرا وقت القتل فأورث شبهة وأشار بكون القاتل ضامنا إلى أن الدية في ماله ; لأنه عمد ، والعواقل لا تعقل دم العمد وتجب في ثلاث سنين ; لأنه وجب بنفس القتل بخلاف الواجب بالصلح حيث يجب حالا ; لأنه وجب بالعقد فأشبه الثمن في البيع وقيد بقوله وأمر القاضي برجمه ; لأنه لو قتله بعد التزكية قبل القضاء بالرجم وجب القصاص في العمد ، والدية في الخطأ على عاقلته .

                                                                                        والمراد من الأمر بالرجم القضاء به فاستلزم أن لا يكون بعد التزكية فلو أمر برجمه بعد الشهادة قبل التعديل خطأ من القاضي فقتله رجل عمدا وجب القصاص أو خطأ وجبت الدية في ثلاث سنين وقيد بقوله فظهروا كذلك ; لأنه لو قتله بعد الأمر بالرجم ولم يظهر الشهود كذلك فلا شيء عليه ولم يذكر المصنف تعزير القاتل ولا شك فيه لافتياته على الإمام كما في فتح القدير وقيد بقتل المأمور برجمه ; لأن من قتل من قضي بقتله قصاصا ، فإنه يقتص منه سواء ظهر الشهود عبيدا أو لا ; لأن الاستيفاء للولي كذا في التبيين من كتاب الردة .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية