الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( وإن أوصى أن يعتق عنه بهذه المائة عبدا فهلك منها درهم لم تنفذ ) بخلاف الحج ، وهذا قول أبي حنيفة في العتق ، وقالا يعتق عنه بما بقي لأنه وصية بنوع قربة فيجب تنفيذها ما أمكن قياسا على الوصية بالحج ، وله أنه وصية بالعتق بعبد يشترى بمائة من ماله ، وتنفيذها فيمن يشتري بأقل منه تنفيذ في غير الموصى له ، وذلك لا يجوز بخلاف الوصية بالحج لأنها قربة محضة هي حق الله تعالى ، والمستحق لم يتبدل وصار كما إذا أوصى لرجل بمائة فهلك بعضها يدفع إليه الباقي .

                                                                                        وقيل هذا الخلاف مبني على الخلاف في العتق هل هو حق الله تعالى أو حق العبد ، وقيدنا بالمائة لأنه لو ذكر الثلث ، وقال وهو ألف فظهر أنه أقل فالوصية باطلة ، ولو أوصى بأن يشترى بثلث ماله وهو ألف عبدا يعتق عنه فإذا هو أقل من ذلك فالوصية باطلة . قيل هذا قول أبي حنيفة ، وقيل قول الكل ، والفرق لهما أن الوصية لهما وقع الشك في صحتها فلا تصح بالشك ولا كذلك مسألة الكتاب لأنها كانت صحيحة فلا تبطل بالشك هذا إذا أوصى له بالعتق فقط فلو أوصى له بالعتق وبالمال قال في الفتاوى سئل أبو القاسم عمن أوصى إلى رجل فقال إذا بلغ ولدي فأعتق عبدي هذا وأعطه مائتي درهم ، والعبد مفسد ، وهو في تعب منه فرضي العبد أن يعتق في الحال ولا يطلب صلته قال لا يجوز عتق الوصي قبل الوقت الذي أقر به الموصي ، وسئل أبو بكر عمن أوصى بعتق عبديه ، وأوصى لهم بصلة ، وللعبيد متاع وكسوة كسا لهم صاحبهم ، ومتاع وهبة لهم من غير المولى قال لا يكون للعبيد من المتاع إلا ما يواري جسدهم ، وفي المنتقى إذا قال في مرضه الذي مات فيه إن مت من مرضي هذا ففلانة حرة وما كان في يدها من شيء فهو عليها صدقة قال أرى ذلك جائزا على وجه الصدقة .

                                                                                        ولها ما كان في يدها يوم مات ، وعليها البينة أن هذا كان في يدها يوم مات ، وفي فتاوى الفضلي أوصى بعتق أمة ، وأن يعطى لها بعد العتق من ثلث ماله كذا قال إن كانت الأمة معينة جازت لها الوصية بالعتق ، وبالمال جميعا ، وإن كانت بغير عينها جازت الوصية بالعتق ولا تجوز الوصية بالمال إلا أن يقول جعلت ذلك مفوضا إلى الوصي إن أحب أعطى التي أعتقها فيكون ذلك وصية جائزة كقوله ضع ثلث مالي حيث شئت ألا ترى أنه لو أوصى أن تباع أمته ممن أحب جاز ، ويخير الوارث على أن يبيعها ممن أحب ، وإن أبى ذلك الرجل أن يشتريها بقيمتها حط عن قيمتها مقدار ثلث ما للموصي أوصى أن يشتري عبدا في بلد كذا [ ص: 496 ] بمائة ، ويعتق يعتبر بلد الموصي لا بلد العبد ، وفي الجامع إذا أوصى بثلثه يشتري منه كل سنة بمائتي درهم عبدا فيعتق أو قال من ثلثي فإنه يشتري بذلك في أول السنة ، ويعتق عنه ولا يوزع على المدة هذا إذا لم يعينه فإن كان معينا قال في الأصل وإذا أوصى أن تعتق عنه جارية بعينها ، وهي تخرج من الثلث أو أوصى أن يشترى له نسمة بعينها ، وتعتق عنه فاشتريت له ، وجنى عليها جناية قبل العتق فإن الأرش للورثة ، وإن اشترى به ما لا يمكن إعتاقه يكون صارفا وصية الميت إلى غير ما أوصى ، وهذا لا تجوز ، وكذلك لو كان الأرش عبدا مدفوعا فيها فلو أعتق فإنه لا يعتق ، وكان ما اكتسب من مال فهو للورثة .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية