الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيما إذا انقضت عدة المطلقة]

                                                                                                                                                                                        وإذا انقضت عدة المطلقة، كان لها أجر الرضاع، فإن كان الولد علقها كان لها إجارة مثلها، ولا قول لها إن طلبت فوق ذلك، ولا له إن طلب دونه.

                                                                                                                                                                                        وإن كان يقبل غيرها، وقالت: لا أرضع إلا بعشرة، وإجارة مثلها خمسة، كان ذلك لها. وقيل للأب: إن شئت قبلت ذلك، وإلا فاستأجر له. وإن كانت العشرة أجر مثلها ووجد الأب من يرضع له بخمسة، أو وجد من يرضعه باطلا وهو موسر، كان فيها قولان، فقال مرة: القول قولها. وقال [ ص: 2179 ] مرة: القول قوله.

                                                                                                                                                                                        وأرى أن ينظر فيما بين الأجرتين، فإن كان يسيرا كان القول قولها؛ لأن الأم أرفق بولدها ويصل إليه من الرفق والقيام مثل ذلك. وإن تباين ما بين الأجرتين، أو كان يجد من يرضعه له باطلا، كان القول قول الأب إذا كانت الظئر ترضعه عند أمه. وإن قالت: إنما أرضعه عندي، لم يكن ذلك للأب؛ لأن للأم حقا في الحضانة وليس للأب أن ينتزعه منها ويحول بينها وبين ولدها. وقد قال ابن القاسم: ذلك للأب إذا كانت ترضعه عند الأم.

                                                                                                                                                                                        وإن كان للظئر ولد، لم يكن ذلك للأب؛ لأن فيه ضررا على الولد ونقصا في رضاعها لأنها ترضع ابنين، وكان للأم أن ترضعه بعشرة.

                                                                                                                                                                                        وإن كان الأب فقيرا لا يقدر على شيء ووجد من يرضعه باطلا على أن الولد عند الظئر، كان ذلك للأب، وهو في هذا بخلاف الموسر؛ لأن رضاعه مع الفقر على الأم وهي مجبورة على رضاعه، ورضاع غيرها تخفيف عنها فكانت بالخيار بين أن ترضعه أو تسلمه.

                                                                                                                                                                                        ومثله إذا وجد من يرضعه بخمسة، وهي التي يقدر عليها، قيل لها: أنت بالخيار إن شئت أرضعت بذلك أو تسلميه إليه؛ لأنك مجبورة على رضاعه [ ص: 2180 ] بخمسة لما لم يكن الأب يقدر على سواها.

                                                                                                                                                                                        وإن كان أجر مثلها عشرين وهو يقدر على عشرة ووجد من يرضعه بخمسة على أن يكون الولد عند الظئر فرضيت أن ترضعه بعشرة، كان ذلك لها ولم ينتزع منها. ومقال الأم مع الوصي إذا كان للصبي مال قليل أو كثير كمقالها مع الأب.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا لم يكن للولد مال، فقال في "المدونة": على الأم رضاعه.

                                                                                                                                                                                        وقال في "كتاب ابن الجلاب": رضاعه على بيت المال.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رحمه الله-: القول أن ذلك على بيت المال وهو الأصل: لأن رضاع الأم إنما ورد في القرآن أن تأخذ على ذلك أجرا، فإن كان فقيرا كان كنفقته: كل ذلك في بيت المال. ومحمل قول مالك إن عليها أن ترضعه على أن رضاعه من بيت المال يتعذر فصار كالعدم.

                                                                                                                                                                                        تم كتاب الرضاعة بحمد الله وعونه

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية