الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيما إذا مات أحد الواطئين قبل أن تدعى القافة]

                                                                                                                                                                                        وإن مات أحد الوطئين قبل أن تدعى القافة للولد، فإن كان القافة تعرف الميت كان الجواب في الأبوين الميتين كالحيين، وإن كانت لا تعرفه فإنه لا يخلو من ثلاثة أوجه: إما أن يقولا: هو ابن للحي، أو ليس بابن له، أو له فيه شرك: فإن قالا: إنه منه، لحق به.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا قالا: لا شيء له فيه، أو ماتا جميعا قبل نظر القافة، فقال أصبغ: وإذا قالا: لا شيء لهذا الحي فيه، لحق بالميت، وإن ماتا جميعا قبل نظر القافة إليه كان ابنا لهما جميعا، وخالفه ابن الماجشون في الوجهين جميعا، فقال: إن قالا لا شيء لهذا الحي فيه بقي لا أب له؛ لأنها قد تفجر بغيرهما، وكذلك إذا ماتا جميعا قبل النظر فيه فإنه يبقى لا أب له.

                                                                                                                                                                                        واختلف في عتق الجارية، فقال أصبغ: يعجل عتقها بموت الأول. وقال ابن الماجشون: أوقفها إلى موت الثاني منهما. [ ص: 4075 ]

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ: قول أصبغ في المسألة الأولى أحسن؛ لأن الولد لم يخرج عنهما، فإذا لم يلحق بالحي لم يبق إلا الميت وإخراجه عنهما إلى وطء ثالث، ولا يعرف أنه أصابها أحد غيرهما، ولا أنها زنت -غير صحيح، وقول ابن الماجشون إذا مات الواطئان أحسن؛ لأنه حمله على الشرك مع إمكان أن يكونا لم يشتركا فيه، فهو ميراث بالشك، إلا أن يكون لهما وارث معروف فيكون له نصف ميراث من كل واحد، والباقي لبيت المال.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد بن سحنون: إذا مات أحدهما، فقالت القافة: للحي فيه شرك - كان له من الحي نصف الأبوة، ويرث منه إذا مات نصف ميراثه، ولا يرث من الميت قبل شيئا.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ: وهذا صحيح، لم يجعل جميعه للحي، لإمكان أن يكون للميت فيه شرك، ولم يجعل للميت فيه شرك ويورثه منه النصف، لإمكان ألا يكون له فيه شرك، وأن يكون جميعه للحي أولى؛ لأنه لو كان الأبوان حيين، فقالا: لهذا فيه شرك، ولا شرك فيه للآخر، لألحق جميعه لمن له فيه شرك دون من لا شبهة له فيه. [ ص: 4076 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية