الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في ميراث رجل مات عن ولدين مسلم ونصراني أقام كل واحد منهما بينة على أنه مات على دينه]

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا أقام كل واحد منهما بينة على دعواه، فقال ابن القاسم: يقضى بأعدلهما فإن تكافأتا كان المال بينهما. وقال غيره: إذا تكافأتا كان المال للمسلم.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ: لا تخلو البينة من ثلاثة أوجه: إما أن تشهد بما لم يزالوا يعرفونه من دينه، أو بما مات عليه، أو إحداهما بما لم يزل عليه والأخرى بما مات عليه، فإن كانت الشهادتان أنه لم يزل على ذلك حين موته ولا [ ص: 4151 ] يعرفونه انتقل عنه - كان تكاذبا، يقضى بأعدلهما، فإن تكافأتا سقطتا، وكان الميراث بينهما نصفين بمنزلة من لم تشهد له فيه بينة.

                                                                                                                                                                                        وإن كانت الشهادتان بما مات عليه، فقالت إحداهما: نشهد أنه مات على الإسلام، وقالت الأخرى: على النصرانية، ولا علم عندهما بما كان عليه، وقال كل واحد من الولدين: لم يزل دينه على ما شهدت لي البينة به- قضي بأعدلهما أيضا، فإن تكافأتا سقطتا واقتسما المال نصفين.

                                                                                                                                                                                        وإن كان معروفا بأحد الدينين أو أقر بذلك الولدان كان فيها قولان، فقيل: ذلك تكاذب كالأول، يقضى بأعدلهما، فإن تكافأتا سقطتا وبقي على ما كان يعرف به من إسلام أو نصرانية. وقيل: يقضى بشهادة من نقلته عن الحال الأول؛ لأنها زادت حكما، فإن كان قبل نصرانيا كان المال للمسلم، وإن كان مسلما كان المال لبيت مال المسلمين؛ لأنه ارتداد، وإن شهدت إحداهما أنه لم يزل يعرف على كذا ولم يدر ما مات عليه، والأخرى بما مات عليه ولا يدرى ما كان عليه قبل ذلك- قضي بشهادة الأخيرة، إن كان إسلاما للمسلم، وإن كان كفرا فلبيت المال.

                                                                                                                                                                                        قال أصبغ ولو كان معهما أخ صغير، فقال: كلاهما مقر له بالنصف- فله النصف كاملا، ويجبر على الإسلام ولهما النصف بعد أيمانهما. [ ص: 4152 ]

                                                                                                                                                                                        قال سحنون: فإن مات الصبي قبل البلوغ حلفا واقتسما ماله..

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ: أصل قولهم أن يكون المال بينهم أثلاثا، فإن خلف الميت ستين دينارا كان لكل واحد من الأولاد عشرون دينارا؛ لأن المسلم يقول: المال بيني وبين أخي الصغير نصفين، والنصراني غاصب لنا، والغصب علي وعليه على قدر أنصبائنا من المال؛ فما خلص منه كنا فيه سواء. ويقول النصراني مثل ذلك، وذلك يؤدي إلى تساويهم فيه.

                                                                                                                                                                                        وفي كتاب ابن سحنون: يحلفان ويوقف ثلث ما بيد كل واحد حتى يكبر الصغير، فيدعي مثل دعوى أحدهما، فيأخذ ما وقف له من سهمه ويرد إلى الآخر ما وقف من سهمه. وإن مات قبل أن يبلغ الحلم حلفا واقتسما ميراثه، وإن مات أحدهما قبل بلوغه وله ورثة يعرفون فهم أحق بميراثه، ولا يردون شيئا منه إذا كبر الصغير فادعى مثل دعواهم، وإن لم يكن ورثة أقر الميراث فإن بلغ الصبي فادعاه كان له. [ ص: 4153 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية