الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في دخول الفساد على المقاصة]

                                                                                                                                                                                        وإذا سلمت المقاصة من الفساد فيما يفعلانه الآن، فإنه يعتبر هل يدخله الفساد من أصل المداينة؟

                                                                                                                                                                                        فإن كان الدينان دنانير وهي متساوية، وكان أحدهما من ثمن قمح، والآخر من ثمن تمر، لم تجز المقاصة على أصل ابن القاسم في المدونة؛ لأنهما يتهمان أن يكونا قصدا إلى بيع تمر بقمح ليس يدا بيد، والمقاصة فيما بين ذلك [ ص: 4217 ] لغو إلا أن تكون البيعتان نقدا، أو الأولى مؤجلة والثانية نقدا، وأخذ عن المبيع الأول مثل ما كان يباع به نقدا، فيجوز، وإن كان الثاني أكثر ثمنا، لم تجز.

                                                                                                                                                                                        وكذلك إذا كانت المقاصة في عروض أسلم بعضهم إلى بعض فيها، فإن اتفق رأس المال أو كان الأول أكثر، جاز، وإن كان الأول أقل، لم تجز المقاصة؛ لأنهما يتهمان على سلف بزيادة، وإن كان رأس مال أحد العوضين دنانير والآخر دراهم، لم تجز المقاصة على قول ابن القاسم في المدونة؛ لأنهما يتهمان على صرف مستأخر.

                                                                                                                                                                                        وتجوز على ما قال في المجموعة، إلا أن يكون رأس مال الأول أقل فيما يكون الصرف يوم أسلم الأول، وإذا سلمت المقاصة من الوجهين جميعا فيما يفعلانه الآن وفي أصل المداينة، جازت، واختلف إذا فسدت وكانت التهمة على صرف مستأخر، أو بيع طعام بطعام ليس يدا بيد، فقيل: تفسخ المقاصة خاصة، وقيل: يفسخ البيع الآخر ويصح الأول، والأول أحسن إذا كان المنع حماية، ولم تجر بينهما في ذلك الموضع عادة، فإن كانت العادة التحيل لمثل ذلك فسخ البيع الأول والثاني.

                                                                                                                                                                                        تم كتاب بيوع الآجال بحمد الله وحسن عونه

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية