الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيما يكال أو يوزن متى يدخله الفوت]

                                                                                                                                                                                        وأما الطعام وغيره مما يكال أو يوزن يشترى على كيل أو وزن فلا يفيته تغيره في نفسه، ولا ذهاب عينه إذا لم يتغير سوقه؛ لأنه مما يقضى فيه بالمثل، فالمثل يقوم مقام الأول.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا تغير سوقه وهو قائم العين، فقال مالك وابن القاسم: ليس بفوت. [ ص: 4224 ]

                                                                                                                                                                                        وقال ابن وهب وغيره: إنه فوت. وهو أبين؛ لأن وجود المثل كقيام العين في الفوت.

                                                                                                                                                                                        وقد اتفقوا في العرض أن حوالة الأسواق فيه فوت وإن كان قائم العين، ولا يكون وجود المثل في المكيل والموزون أعلى رتبة من وجود عين العرض، فإذا لم ينقض البيع في العرض للمضرة التي تدخل على البائع من نقص السوق، أو على المشتري إن زاد؛ لأنه كان في ضمانه، فكذلك المكيل والموزون، وهما في دخول المضرة على البائع والمشتري من هذا الوجه سواء، وربما كانت المضرة في الطعام أبين، لتباين انتقال الأسعار، وإن بيع شيء من ذلك جزافا كان كالعرض تفيته حوالة الأسواق، وذهاب عينه، ويقضى فيه بالقيمة.

                                                                                                                                                                                        وأرى إذا ذهب عينه وعرف كيله ولم يتغير سوقه أن يقضى فيه بالمثل، وكذلك إذا لم يعرف كيله، وأراد البائع أن يقضي له بمثل المكيلة التي تقوم لا بقيمتها؛ لأنه إذا قيل فيها من تسعة إلى أحد عشر غرم المشتري قيمة عشرة، كان غرم تلك العشرة أولى من غرم قيمتها.

                                                                                                                                                                                        وكذلك إذا قال البائع: أنا أغرمه أقل مما يقال أنه فيها، أو قال المشتري: أنا أغرم أكثر مما يقال أنه فيها، كان ذلك لهما ويسقط حكم القيمة، وقد تقدم قول أشهب وسحنون في كتاب الغصب في هذا الأصل.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية