الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في تفليس المكتري

                                                                                                                                                                                        ومن "المدونة" قال ابن القاسم فيمن تكارى منزلا سنة ثم فلس بعد أن سكن ستة أشهر: كان صاحب الدار بالخيار بين أن يسلم باقي السكنى ويضرب مع الغرماء فيه وفي غيره من مال المفلس، إلا أن يدفع إليه الغرماء ما ينوب الباقي.

                                                                                                                                                                                        وقد قيل: ليس ذلك للغرماء إلا أن يدفعوا له جميع الكراء إذا لم يكن نقد شيئا. والأول أحسن، وإنما يعيدون منه ما له أخذه، ولا أرى أن يخرج الغريم بالحضرة ولا تباع لهم جميع المدة الباقية; لأن عليه في ذلك حرجا أن يخرج لغير إيواء كما لا يترك بغير نفقة، والحاجة إلى المسكن كالحاجة إلى النفقة، فيترك له من تلك المدة ما يرى أنه يتحيل لنفسه في شيء ليكتري به عند انقضائها.

                                                                                                                                                                                        وإن كان كراء السنة باثني عشر دينارا فقدم من ذلك ستة دنانير ثم فلس المكتري بعد ستة أشهر، كان المكري بالخيار بين أن يسلم باقي السكنى ويضرب بالستة الدنانير، أو يأخذ باقي السكنى، أو يرد ما ينوب ويضرب بالباقي مما ينوب الماضي في جميع مال المفلس وفي الذي يرد.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا دفع أحد الغرماء ذلك من مال نفسه هل يكون أحق بما يباع [ ص: 5082 ] به ذلك السكنى حتى يستوفي منه ما دفع إلى صاحب المسكن، وأن يكون أحق أصوب، وسواء كان المفلس في الحياة أو بعد الموت، وهو في ذلك السكنى أقوى سببا ممن أحيا شيئا، ثمرة، أو زرعا لعمله.

                                                                                                                                                                                        والقياس: أن يكون أحق بربح ذلك السكنى من سائر غرمائه; لأن ماله سببه وإنما دفع ماله لمكان ذلك الربح، فيكون أحق به كما تقدم في الأجير أنه أحق لما كان عمله سبب نمائه.

                                                                                                                                                                                        تم كراء الدور بحمد الله وحسن عونه

                                                                                                                                                                                        [ ص: 5083 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية