الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في طرو وارث على الورثة بعد القسم]

                                                                                                                                                                                        وإن طرأ وارث على ورثة وهم أملياء والتركة عين أخذ من كل واحد ما ينوبه واختلف إذا وجد أحدهم معسرا فقال ابن القاسم: ليس له أن يأخذ [ ص: 5938 ] الموسر إلا بالنقد الذي كان يأخذه منه لو كان الجميع موسرا .

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب وابن عبد الحكم: له أن يقاسم الموسر فيما صار له كأن لم يترك الميت غيرهما ويتبعان المعسر متى أيسر ورأيا أن القسمة فاسدة وإن لم يعلموا بالطارئ .

                                                                                                                                                                                        والظاهر من مذهب عبد الملك أنها جائزة إلا أن يكونا عالمين بالطارئ فتكون فاسدة وأصل ابن القاسم أن ليس لأحد الشريكين أن يقسم العين دون شريكه وأمضى القسمة ها هنا لما كان غير عالم ولو كان عالما لم يجز، وأصل أشهب ألا يجوز .

                                                                                                                                                                                        وقد اختلفا إذا بيعت دار الميت وكان الثمن على يد الوصي فحل الأجل، فقال ابن القاسم: لا يزكى نصيب الصغار حتى يحول الحول من يوم المقاسمة ، وقال أشهب: إذا حل الحول من يوم قبض الثمن زكي نصيب الصغار، وهذا إنما يصح على القول: له أن يقاسم الصغار من غير رضا بقية الورثة، وهذا رجوع من قول كل واحد منهما إلى قول الآخر، فإن أجاز القسم كانت الزكاة من يوم قبض ولا يدخل الطارئ على الموسر إلا بالزائد على نصيبه، وإن كان لا تجوز المقاسمة إلا برضا جميع الشركاء لم تجب [ ص: 5939 ] الزكاة إلا بعد حول من يوم المقاسمة ويكون للطارئ أن يقاسم أخاه بالسواء ثم يتبعان المعسر متى أيسر، وهذا بخلاف أن يطرأ غريم على غرماء، فإنه لا يتبع الموسر إلا بما ينوبه لو كان جميعهم موسرا; لأن الورثة في القضاء مقام السلطان وقضاؤهم ومقاسمتهم صحيحة، وليس كذلك مقاسمة الورثة فيما بينهم; لأنهم يقسمون لأنفسهم، وفي الغرماء إنما قسموا لغيرهم فقاموا مقام الحاكم.

                                                                                                                                                                                        وإن كانت التركة شيئا مما يكال أو يوزن فاختلف فيه فقيل لهم المقاسمة فيه كالعين وقيل ليس لهم مقاسمة بخلاف العين.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية