الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في تزويج المحرمات هل يكون بذلك زانيا؟

                                                                                                                                                                                        ومن المدونة قال ابن القاسم فيمن تزوج خامسة أو امرأة طلقها البتة قبل أن تنكح زوجا غيره أو أخته من النسب أو الرضاع أو شيئا من ذوات المحارم عامدا عارفا بالتحريم- حد في قول مالك، ولا يلحق فيه النسب، وإن تزوج امرأة في عدتها أو امرأة على عمتها أو خالتها أو نكاح متعة، فإنه يعاقب ولا يحد .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رحمه الله-: المحرمات من النساء ثلاث:

                                                                                                                                                                                        محرمة لعينها بكتاب الله -عز وجل-، كالأم والأخت والبنت وما أشبه ذلك، والناكح إذا كان عالما أنها أمه أو أخته وعالما بتحريم ذلك زان.

                                                                                                                                                                                        ومحرمة بسبب تحل بزواله، كالخامسة- تحل إذا طلق إحدى الأربع، والمبتوتة تحل بعد زوج، والأخت على أخت- تحل إذا طلق الأولى، والمرأة في عدتها تحل بانقضاء العدة، فيتزوج إحداهن وهو عالم بتحريمها.

                                                                                                                                                                                        واختلف هل يعد زانيا، فقال مالك في الخامسة والمبتوتة: يحد، وفي المعتدة لا يحد . ولا فرق بينهن.

                                                                                                                                                                                        وفي كتاب محمد في نكاح الأخت على الأخت حد . ولأصبغ في كتاب ابن حبيب أنه يعاقب ولا يحد، قال: وإن نكح المبتوتة وهو عالم- لا يحد، للاختلاف [ ص: 6282 ] في ذلك، وأما التي يطلقها ثلاثا فإنه يحد وقيل في المعتدة أنه يحد .

                                                                                                                                                                                        واختلف في المحرمة بالسنة، فقال ابن القاسم في المدونة: يعاقب ولا يحد . وقال ابن نافع وغيره في شرح ابن مزين في نكاح المتعة أنه يحد إذا كان عالما بتحريم ذلك.

                                                                                                                                                                                        والأشبه فيما كان محرما الآن ويحل بعد ذلك، أن يجري على النكاحات الفاسدة، ولا يحمل على أنه زنى.

                                                                                                                                                                                        وإن تزوج ابنة زوجته ودخل بها، ولم يكن دخل بالأم- لم يحد; لأنها تحل له لو طلق الأم.

                                                                                                                                                                                        وإن كان دخل بالأم حد، وكذلك إن تزوج أم امرأته، فإن كان دخل بالابنة حد، وإن لم يدخل بها لم يحد، لاختلاف الناس في عقد الابنة هل يحرم الأم؟

                                                                                                                                                                                        وإن تزوج زوجة أبيه أو زوجة ولده- حد إذا كان عالما بتحريم ذلك. وفي الترمذي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رجلا تزوج امرأة أبيه، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتله .

                                                                                                                                                                                        ومحمل الحديث على أصل مالك أنه كان محصنا، وأن القتل كان رجما بالحجارة. [ ص: 6283 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية