الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في المواضح

                                                                                                                                                                                        وإذا شجه شجتين موضحة ومأمومة في ضربة خطأ عقلتهما العاقلة، وإن كان عمدا اقتص من الموضحة.

                                                                                                                                                                                        واختلف في المأمومة هل تكون ديتها على العاقلة أو في ماله وإن شجه موضحة فذهب سمعه وعقله، فإن كان ذلك خطأ حملت العاقلة جميع ذلك ديتين ودية الموضحة وإن كان عمدا اقتص من الموضحة، إن كان ذهب سمع الثاني وعقله وإلا كان له عقلهما ، ولم يكن فيهما قصاص وإن كان الأصل عمدا; لأنه لا يتهم أن يكون قصد إلى أن يذهب ذلك بالمأمومة فكان لهما حكم الخطأ.

                                                                                                                                                                                        واختلف أين يكون ذلك فقال ابن القاسم في مال الجاني وقاله أشهب، وقال أيضا في هذا الأصل على العاقلة قال كل جرح تنامى إلى أن [ ص: 6446 ] يتلف نفسه مثل أن لو كان خطأ لم يكن فيه دية جرحين، وإنما فيه دية جرح واحد، فهذا يكون فيما تنامى إليه في ماله، وإن تنامى إلى جارحة أخرى فذلك التنامي على العاقلة.

                                                                                                                                                                                        قال محمد: يكون في ماله; لأن العمد جره، قال: ولو كان على ما قال لكان إذا تنامى إلى النفس على العاقلة وإلزام محمد غير صحيح ولا يشبه تنامي المأمومة إلى العين والسمع تنامي ذلك إلى النفس ولو كان ذلك لكان للمجروح أن يقتص من العين والسمع كما يقتص إذا تنامى إلى النفس.

                                                                                                                                                                                        والفرق بين التنامي إلى العين والنفس أن النفس يقصد إلى إتلافها من المأمومة وغيرها من الجراح فأي عضو جرحه إنسان عمدا فمات كان فيه [ ص: 6447 ] القصاص ومن أراد إتلاف العين أو السمع لا يقصد إلى إتلافه بالجرح في الرأس وإن كان ذلك كان ما تنامي إليه خطأ تحمله العاقلة.

                                                                                                                                                                                        قال محمد: إذا شج مأمومة ففسد سمعه وعينه ويده ورجله وصار لا يأتي النساء له دية ما أفسد من ذلك من يد ورجل وسمع وبصر وله فيما أفسد من أمر النساء الدية وإن بلغ النفس اقتص وسقط كل جرح.

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في امرأة نامت على صبيها فقتلته، ديته على العاقلة وتعتق هي رقبة.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد قيل لمالك ديته على العاقلة، قال: ومن يعلم أنها قتلته.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رحمه الله-: الجواب في هذه يرجع إلى من أقر بقتل خطأ هل يكون على العاقلة بقسامة أو على المقر في ماله. [ ص: 6448 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية