الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن عجل زكاته قبل أن يقرب الحول]

                                                                                                                                                                                        ومن عجل زكاته لعام واحد ، أو لعامين ، أو في العام نفسه قبل أن يقرب الحول- لم تجزئه .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا قرب الحول ، فقال مالك في العتبية : لا تجزئه . قال : أرأيت الذي يصلي الظهر قبل الزوال ، والصبح قبل الفجر ، أليس يعيد ؟ وهذا مثله . وقال أشهب في كتاب ابن حبيب تجزئه .

                                                                                                                                                                                        واختلف بعد الحول إنها تجزئ إذا قرب الحول- في حد القرب ، فقال في [ ص: 943 ] كتاب محمد : إذا كان مثل اليوم واليومين ؛ أجزأه ، ولا يجزئه ما فوق ذلك .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن حبيب : لا تجزئه إلا ما كان مثل الخمسة الأيام ، والعشرة لا أكثر من ذلك ، وقيل : تجزئه الخمسة عشر يوما . وقال ابن القاسم في المستخرجة : أرى الشهر قريبا ، ويجزئه .

                                                                                                                                                                                        فرأى في القول الأول : أنه شرع غير معلل علق بوقت ؛ فلا يجوز تقدمته عليه كالصلاة .

                                                                                                                                                                                        وفي القول الثاني : أنه شرع معلل ، وأن التأخير يتعلق به حق المالك ، وحق المساكين ، فإذا أخرجها عندما قرب من ذلك ؛ أجزأته .

                                                                                                                                                                                        وذهب بعض أهل العلم إلى أنها تجزئ وإن عجلت لعام أو لعامين .

                                                                                                                                                                                        وفي الترمذي قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : "استأذن العباس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخص له في ذلك" وفي حديث آخر قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "إنا أخذنا زكاة العباس عام الأول للعام" وقد أجاز أيضا في حديث أبي موسى تعجيل الكفارة قبل الحنث . وقال الليث : لا تجزئ إن [ ص: 944 ] عجلت قبل الوقت ؛ خوفا أن يعود المعطى موسرا عند الحول . وقد أجاز ابن القاسم للمعسر أن يكفر قبل الحنث بالصيام وإن كان موسرا يوم يحنث .

                                                                                                                                                                                        وهذا في زكاة العين ، ولا يصح في زكاة الحرث ؛ الزرع ، والثمار ؛ لأنها زكاة عما لم يملك بعد ، فلا يدري ما قدره . وتجوز في المواشي إذا لم تكن لهم سعاة على مثل ما يجوز في العين ، أو كان لهم سعاة على القول- أنها تجزئ إذا أخرجها قبل مجيء الساعي .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية