الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن يعطى السلب]

                                                                                                                                                                                        السلب للقاتل إذا رأى ذلك الإمام ، ولا يعطى سلب لغير القاتل ، وإن كان القتل من عدد- نفلهم أسلابهم ، أو تركها إن شاء .

                                                                                                                                                                                        وإن اختلف بأسهم جاز أن ينفل أشدهم بأسا سلب من قتل ، ولا ينفل الآخرين . ولا يجوز أن ينفل أضعفهم بأسا دون غيره .

                                                                                                                                                                                        ويجوز أن يزيد أحدهم على سلب قتيله إن كان أشد بأسا وقتيله أقل سلبا ، والآخر أقل بأسا وأكثر سلبا . ويجوز أن يعطى أحدهم جميع سلب قتيله ، والآخر بعضه ، وقد يكون أحد القتلى لا شجاعة عنده وسلبه كثير ، فيعطيه منه ما يرى أنه سداد لمثله ، والآخر له شدة وبأس . ولا يزيد أحدهم ما يحط من سلب الآخر ؛ لأن رد بعض سلب أحدهم للآخر فساد لقلوبهم .

                                                                                                                                                                                        والسلب ما كان من اللباس : الثياب والدرع والسيف بحليته والفاتخة [ ص: 1415 ] والمنطقة -دون ما فيها من دنانير- والخاتم والعمامة والبيضة .

                                                                                                                                                                                        قال سحنون : ولا شيء له في الطوق والسوارين والقرطين والتاج إن كان عليه ، وله ساعداه وساقاه .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن حبيب : له سواراه . وعلى قوله : يكون له التاج وقرطاه . وقال ابن حبيب : الفرس داخل في السلب . قال سحنون : له فرسه بما عليه من سرج ولجام .

                                                                                                                                                                                        والأصل في النفل من غير سلب ، وأنه من الخمس : حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - ، قال : بعث رسول الله سرية قبل نجد فيها عبد الله بن عمر ، فغنموا إبلا كثيرة ، فكان سهمانهم اثني عشر بعيرا ، ونفلنا بعيرا بعيرا . لأنهم إذا استوفوا أنصباءهم بالقسم- كان الزائد من الخمس .

                                                                                                                                                                                        وفي كتاب مسلم أن النفل من الخمس . [ ص: 1416 ]

                                                                                                                                                                                        وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : أعطاني رسول - صلى الله عليه وسلم - شارفا من الخمس .

                                                                                                                                                                                        وهذا لقول الله -عز وجل- : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه [الأنفال : 41] .

                                                                                                                                                                                        فاقتضت الآية أن أربعة أخماسه للغانمين ، فلو نفل أحدا من رأس الغنيمة ، انتقص الآخر من سهمه بعد الخمس .

                                                                                                                                                                                        وفي ذلك تبديل للقسمة التي قسمها الله تعالى بينهم ، ولهذا نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الوصية للوارث ؛ لأن ذلك يؤدي إلى أن يرث أحدهم أكثر من النصيب الذي أوجب الله سبحانه له ، وكذلك الغنائم إلا على من قال : إنها غير مملوكة لهم حتى تقسم بينهم .

                                                                                                                                                                                        والقول بهذا يؤدي إلى إبطال فائدة الآية ؛ لقوله -عز وجل- : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه [الأنفال : 41] . فيجعل لله تعالى أكثر من الخمس .

                                                                                                                                                                                        والقياس في السلب أنه كغيره من الغنيمة ، ولا فرق بين سلب القتيل وماله الذي معه ؛ لأنه لم ينل ذلك إلا بجميعهم . [ ص: 1417 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية