الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن وجبت عليه كفارتان]

                                                                                                                                                                                        ويستحب لمن وجبت عليه كفارتان: أن يطعم عشرين مسكينا.

                                                                                                                                                                                        فإن أطعم عشرة وكساهم; أجزأه. وكذلك، إن أطعم عشرة مدين مدين; فذلك يجزئه. وإن أطعم عشرة، ثم حنث في يمين أخرى; جاز أن يعطيهم الكفارة الثانية من غير كراهية.

                                                                                                                                                                                        وإن أعطى كفارة يمين أكثر من عشرة أو أقل; لم يجزئه لقول الله تعالى: إطعام عشرة مساكين [المائدة: 89] ، وهو مصدر أطعم، والمعنى: أطعموا عشرة مساكين. ولو كانت التلاوة طعام عشرة; لأشبه أن يخرج ذلك القدر، فيطعمه أكثر من عشرة أو أقل.

                                                                                                                                                                                        واختلف قول ابن القاسم إذا أطعم خمسة، وكسا خمسة، فقال في المدونة: لا يجزئه . وقال في كتاب محمد : يجزئه .

                                                                                                                                                                                        وهو أحسن; لأن كل واحدة من هاتين الكفارتين تسد مسد الأخرى مع الاختيار. [ ص: 1704 ]

                                                                                                                                                                                        وقال محمد فيمن عليه ثلاثة أيمان; فأعتق رقبة وكسا عشرة، وأطعم عشرة. أو أشرك في كل كفارة، فقال: يبطل العتق، ويجزئه من الإطعام عن ثلاثة مساكين، ومن الكسوة عن ثلاثة، ويكسو سبعة، ويطعم سبعة إن أحب، ويكفر عن اليمين الأخرى. وإن أحب أن يكسو ما بقي من الكفارتين، أو يطعم، قال: فليكس سبعة عشر، أو يطعم سبعة عشر; لأن الذي صار له من الكفارات في الكسوة ثلاثة، وأطعم ثلاثة. وهذا غلط.

                                                                                                                                                                                        وأرى أن يحتسب بثمانية عشر على القول أن له أن يجمع في الكفارة الواحدة بين الإطعام والكسوة.

                                                                                                                                                                                        وعلى القول الآخر يحتسب بتسعة; لأنه أطعم عشرة عن ثلاثة أيمان، تجزئه منها ثلاثة عن كل مسكين، ويبطل مسكين واحد; لأنه أشرك فيه. وكسا عشرة; يجزئه منها تسعة، ويبطل واحد للشرك فيه.

                                                                                                                                                                                        فعلى القول الأول يطعم اثني عشر أو يكسوهم، أو يكسو بعضهم ويطعم بعضهم. وعلى القول الآخر هو بالخيار بين أن يبني على الإطعام، فيطعم أحدا وعشرين، فيكون إطعاما كله. أو يكسوهم، فيكون جميعها كسوة. [ ص: 1705 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية