الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [نكاح الحرة والأمة في عقد]

                                                                                                                                                                                        وإن تزوج حرة وأمة في عقد- جاز نكاح الحرة، وينقسم نكاح الأمة على أربعة أقسام:

                                                                                                                                                                                        فتارة يجوز، وتارة يمنع لما يتعلق به من حق لله تعالى، وتارة يمنع لحق [ ص: 2063 ] الزوجة، وتارة يمنع لحق الله -عز وجل- وحق الزوجة.

                                                                                                                                                                                        فإن كانت الحرة عالمة أن التي عقدت معها أمة، والزوج لا يكتفي بحرة، ولا يجد طولا لأخرى- جاز نكاح الأمة، إلا ما ذكره محمد عن مالك أن الحرة تكون عند الرجل طولا يمنعه نكاح الأمة.

                                                                                                                                                                                        وإن كانت الحرة غير عالمة أنها أمة، والزوج ممن يكتفي بالحرة أو يجد الطول لأخرى- كان نكاح الأمة فاسدا لحق الله تعالى.

                                                                                                                                                                                        وإن كانت الحرة غير عالمة أنها أمة، والزوج ممن يجوز له نكاح الأمة للشروط التي تقدمت، تعلق بالمسألة حق للزوجة.

                                                                                                                                                                                        وإن كانت غير عالمة، والزوج ممن يكتفي بحرة، أو يجد طولا لأخرى - تعلق بالمسألة الحقان جميعا.

                                                                                                                                                                                        فإن أسقطت الزوجة حقها فسخ لحق الله تعالى.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كان الحق للزوجة خاصة، هل يكون لها الخيار في نفسها فتقيم أو تفارق، أو في الأمة؟ [ ص: 2064 ]

                                                                                                                                                                                        فذكر ابن القاسم في ذلك قولين.

                                                                                                                                                                                        وأرى ألا يكون لها خيار في نفسها، ولا في الأمة، وأن يبتدئ بخيار الزوج، فإن فارق الأمة، سقط خيار الحرة، وإن أحب، تمسك بالأمة، وقال للحرة: إن شئت أقمت على ذلك، وإن شئت فارقتك.

                                                                                                                                                                                        وإذا كان نكاح الأمة فاسدا- صح نكاح الحرة، وهذا هو الصحيح من المذهب.

                                                                                                                                                                                        وإن كان العقد واحدا فهو كعقدين؛ لأن الملك يفترق، فلا يفسخ صحيح هذا لفساد الآخر.

                                                                                                                                                                                        وقال سحنون: يفسخ جميع العقد. وقال ابن القاسم في الذي تزوج امرأة وابنتها في عقد واحد، والأم ذات زوج، فقال: لا يجوز؛ لأنها صفقة جمعت حلالا وحراما.

                                                                                                                                                                                        وإن كانت الأمة ملكا للحرة- فسد جميع العقد على المشهور من المذهب: لأنه يصير صفقة جمعت حلالا وحراما لمالك واحد.

                                                                                                                                                                                        وقيل: يفسخ ما يخصه الفساد وحده. وقد ذكر ذلك في "كتاب العيوب". [ ص: 2065 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية