الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2961 حدثنا أحمد بن منيع حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله وكذلك جعلناكم أمة وسطا قال عدلا قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أخبرنا أبو معاوية ) اسمه محمد بن خازم ( عن أبي صالح ) هو السمان واسمه ذكوان .

                                                                                                          [ ص: 238 ] قوله : وكذلك جعلناكم أمة وسطا الكاف في قوله وكذلك كاف التشبيه جاء لشبه به ، وفيه وجوه ، أحدها : أنه معطوف على ما تقدم من قوله في حق إبراهيم : ولقد اصطفيناه في الدنيا ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكذلك جعلناكم أمة وسطا . الثاني : أنه معطوف على قوله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ، وكذلك هديناكم وجعلناكم أمة وسطا . الثالث قيل معناه : كما جعلنا قبلتكم وسطا بين المشرق والمغرب كذلك جعلناكم أمة وسطا ، يعني عدولا خيارا ( قال عدلا ) أي قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في تفسير قوله تعالى وسطا عدلا . وروى البخاري في صحيحه هذا الحديث مطولا ، وكذا الترمذي بعد هذا وفي آخر حديثهما ، والوسط : العدل .

                                                                                                          قال الحافظ في الفتح : هو مرفوع من نفس الخبر وليس بمدرج من قول بعض الرواة كما وهم فيه بعضهم ، وسيأتي في الاعتصام بلفظ : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا عدلا ) . وأخرج الإسماعيلي من طريق حفص بن غياث عن الأعمش بهذا السند في قوله وسطا قال ( عدلا ) كذا أورده مختصرا مرفوعا ، وأخرجه الطبراني من هذا الوجه مختصرا مرفوعا ، ومن طريق وكيع عن الأعمش بلفظ ( والوسط العدل ) مختصرا مرفوعا ، ومن طريق أبي معاوية عن الأعمش مثله ، قال الطبري : الوسط في كلام العرب الخيار ، يقولون فلان وسط في قومه وواسط إذا أرادوا الرفع في حسبه ، قال : والذي أرى أن معنى الوسط في الآية الجزء الذي بين الطرفين ، والمعنى أنهم وسط لتوسطهم في الدين ، فلم يغلوا كغلو النصارى ، ولم يقصروا كتقصير اليهود ، ولكنهم أهل وسط واعتدال .

                                                                                                          قال الحافظ : لا يلزم من كون الوسط في الآية صالحا لمعنى التوسط أن لا يكون أريد به معناه الآخر كما نص عليه الحديث ، فلا مغايرة بين الحديث وبين ما دل عليه معنى الآية ، انتهي .




                                                                                                          الخدمات العلمية