الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          قال وأخبرني محمد بن إسمعيل حدثني يحيى بن معين حدثنا عفان عن أبي عوانة قال لما مات الحسن البصري اشتهيت كلامه فتتبعته عن أصحاب الحسن فأتيت به أبان بن أبي عياش فقرأه علي كله عن الحسن فما أستحل أن أروي عنه شيئا قال أبو عيسى قد روى عن أبان بن أبي عياش غير واحد من الأئمة وإن كان فيه من الضعف والغفلة ما وصفه أبو عوانة وغيره فلا يغتر برواية الثقات عن الناس لأنه يروى عن ابن سيرين قال إن الرجل يحدثني فما أتهمه ولكن أتهم من فوقه وقد روى غير واحد عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في وتره قبل الركوع وروى أبان بن أبي عياش عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في وتره قبل الركوع هكذا روى سفيان الثوري عن أبان بن أبي عياش وروى بعضهم عن أبان بن أبي عياش بهذا الإسناد نحو هذا وزاد فيه قال عبد الله بن مسعود وأخبرتني أمي أنها باتت عند النبي صلى الله عليه وسلم فرأت النبي صلى الله عليه وسلم قنت في وتره قبل الركوع قال أبو عيسى وأبان بن أبي عياش وإن كان قد وصف بالعبادة والاجتهاد فهذه حاله في الحديث والقوم كانوا أصحاب حفظ فرب رجل وإن كان صالحا لا يقيم الشهادة ولا يحفظها فكل من كان متهما في الحديث بالكذب أو كان مغفلا يخطئ الكثير فالذي اختاره أكثر أهل الحديث من الأئمة أن لا يشتغل بالرواية عنه ألا ترى أن عبد الله بن المبارك حدث عن قوم من أهل العلم فلما تبين له أمرهم ترك الرواية عنهم

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( وأخبرني محمد بن إسماعيل ) هو الإمام البخاري ( حدثني عفان ) هو ابن مسلم ( عن أبي عوانة ) اسمه الوضاح بن عبد الله ( لما مات الحسن البصري اشتهيت كلامه ) أي اشتهيت أن أجمع أحاديثه ( فتتبعته عن أصحاب الحسن ) أي عن تلاميذه ( فأتيت به ) أي بكلامه الذي تتبعته عن أصحابه ( أبان بن أبي عياش ) قال الحافظ أبان بن أبي عياش فيروز البصري أبو إسماعيل العبدي متروك من الخامسة ( فقرأه علي كله عن الحسن ) وفي رواية مسلم قال : ما بلغني عن الحسن حديث إلا أتيت أبان بن أبي عياش فقرأه علي .

                                                                                                          قال النووي : معنى هذا الكلام أنه كان يحدث عن الحسن بكل ما يسأل عنه وهو كاذب في ذلك انتهى . وقال الحافظ في تهذيب التهذيب ، قال عفان ، قال لي أبو عوانة : جمعت أحاديث الحسن عن الناس ثم أتيت بها أبان بن أبي عياش فحدثني بها كلها . وقال أبو عوانة مرة : لا [ ص: 338 ] أستحل أن أروي عنه شيئا انتهى ، وقال الذهبي في الميزان : قال أبو عوانة : كنت لا أسمع بالبقرة حديثا إلا جئت به أبان فحدثني به عن الحسن حتى جمعت منه مصحفا ، فما أستحل أن أروي عنه ( وقد روى عن أبان بن أبي عياش غير واحد من الأئمة ) كمعمر ويزيد بن هارون وأبي إسحاق وعمران القطان وغيرهم ( وإن كان ) الواو وصلية ( فيه ) أي في أبان بن أبي عياش ( من الضعف والغفلة ) بيان مقدم لقوله : ( ما وصفه ) أي بينه ( أبو عوانة وغيره ) كالإمام أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وعلي بن المديني ، والنسائي ، والدارقطني ، وأبي حاتم وغيرهم ( فلا يغتر ) بصيغة المجهول من الاغترار أي لا يخدع . يقال : اغتر واستغر بكذا أي خدع ( برواية الثقات عن الناس ) فإنه لا يلزم من رواية الثقات عن الناس كونهم ثقات ( لأنه يروى عن ابن سيرين أنه قال : إن الرجل ليحدثني فما أتهمه ) أي لكونه ثقة مأمونا ( ولكن أتهم من فوقه ) أي شيخه ، فشيخ ابن سيرين قد يكون ثقة مأمونا غير متهم ، ويكون شيخ شيخه ضعيفا متهما ، فثبت بهذا أن الثقة قد يروي عن غير الثقة ( وزاد فيه : قال عبد الله بن مسعود أخبرتني أمي أنها باتت إلخ ) أي وزاد بعضهم عن أبان في هذا الحديث قال ابن مسعود إلخ ، وهذه الزيادة تفرد بها أبان ولم يتابعه أحد على هذه الزيادة وقد عرفت أنه متروك فلا يقبل زيادته هذه ( أو كان مغفلا ) بضم الميم وفتح الغين المعجمة وشدة الفاء المفتوحة ( يخطئ الكثير ) صفة كاشفة لما قبله



                                                                                                          الخدمات العلمية