الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ) الخطاب للمؤمنين ، والمعنى أنه إن ظهر عليكم الكفار يوم أحد فإن حسن العاقبة للمتقين ، وإن أديل الكفار فالعاقبة للمؤمنين . وكذلكم كفاركم هؤلاء عاقبتهم إلى الهلاك . وقال النقاش : الخطاب للكفار ؛ لقوله بعد ( ولا تهنوا ) . ولما ذكر تعالى الجمل المعترضة في قصة أحد عاد إلى كمالها ، فخاطبهم بأنه إن وقعت إدالة الكفار فالعاقبة للمؤمنين . والمعنى : قد تقدمت ومضت .

وقال الزجاج : أهل سنن أي طرائق أو أمم ، على شرح المفضل أن السنة الأمة . وقال الحسن : سنة أقضية في إهلاك الأمم السالفة عاد وثمود وغيرهم . وقال ابن زيد : أمثال . وقال ابن عباس : وقائع وطلب السير في الأرض ، وإن كانت أحوال من تقدم تدرك بالأخبار دون السير ؛ لأن الأخبار إنما تكون ممن سار وعاين ، وعنه ينقل ، فطلب منه الوجه الأكمل ؛ إذ للمشاهدة أثر أقوى من أثر السماع . وقيل : السير هنا مجاز عن التفكر ، وهو من تشبيه المعقول بالمحسوس . وقال الجمهور : النظر هنا من نظر العين . وقال قوم : هو بالفكر . والجملة الاستفهامية في موضع المفعول لـ " انظروا " ؛ لأنها معلقة ، و " كيف " في موضع نصب خبر كان . والمعنى : ما سنة الله في الأمم المكذبين من وقائعه ، كما قال تعالى : ( فكلا أخذنا بذنبه ) ( وقتلوا تقتيلا سنة الله في الذين خلوا من قبل ) .

وفي هذه الآية دلالة على جواز السفر في فجاج الأرض ؛ للاعتبار ونظر ما حوت من عجائب مخلوقات الله تعالى ، وزيارة الصالحين ، وزيارة الأماكن المعظمة ، كما يفعله سياح هذه الملة ، وجواز النظر في كتب المؤرخين ؛ لأنها سبيل إلى معرفة سير العالم وما جرى عليهم من المثلاث .

التالي السابق


الخدمات العلمية