الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5084 - وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ألا أخبركم بمن يحرم على النار وبمن تحرم النار عليه ؟ على كل هين لين قريب سهل " . رواه أحمد ، والترمذي وقال : هذا حديث حسن غريب .

التالي السابق


5084 - ( وعن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ألا أخبركم بمن يحرم ) : بضم الراء ( على النار ) أي : يمنع عنها ( وبمن تحرم النار عليه ؟ ) : زيادة تأكيد ، وإلا فالمعنيان متلازمان ، ولما كان مآلهما [ ص: 3179 ] واحدا اكتفى بالجواب عن الأول لأنه المعول والثاني مؤكد محمل مجمل فقال قبل قولهم : بلى ( على كل هين لين ) : بتشديد التحتية فيهما أي : تحرم على كل سهل طلق حليم لين الجانب ، قيل : هما يطلقان على الإنسان بالتثقيل والتخفيف ، وعلى غيره بالتشديد ، وعن ابن الأعرابي بالتخصيص للمدح وبالتشديد للذم ، ذكره ابن الملك ، ثم قوله : هين فعيل من الهون وهو السكون والوقار والسهولة فعينه واو ، فأبدلت وأدغمت ، وأما اللين فيأتي ( قريب ) أي : من الناس بمجالستهم في محافل الطاعة وملاطفتهم قدر الطاعة ( سهل ) أي : في قضاء حوائجهم ، أو معناه أنه سمح القضاء سمح الاقتضاء سمح البيع سمح الشراء على ما ورد في فضل المؤمن الكامل ، هذا وقال الطيبي : قوله على كل هين لين هذا جواب عن السؤالين والجواب الظاهر عنهما كل هين لين ، ثم في الدرجة الثانية أن يقال عن الأول يحرم على النار كل هين لين ، وعلى الثاني تحرم النار على كل هين لين ، فأتى بجواب موجز يدل عليهما بالتفصيل ولو أتى به كما يقتضيه الظاهر وهو قوله : كل هين لم يدل على التفصيل اهـ . وهو غريب منه ، فإن دلالة ما يقتضيه الظاهر على التفصيل أظهر من دلالة الجواب الموجز عنده عليه ، كما يظهر بأدنى تأمل ، فإن تقديره حينئذ هو كل هين لين ، ويكون مرجع الضمير ما ذكره من الوصفين ، وهو من يحرم على النار ، ومن تحرم عليه النار ، بل لو حققت النظر ودققت التأمل لوجدت أن جوابه الموجز على زعمه لا دلالة له على التفصيل أصلا ، بل دلالته إجمالية كما قدمناه ، وقد يقال : إنه من باب الاكتفاء كقوله تعالى : ( سرابيل تقيكم الحر ) أي : والبرد ، فكذلك هنا يقدر : وعلى كل هين لين مع احتمال أن القرينة الثانية زائدة من بعض الرواة لأجل المبالغة ، ويؤيده ما في الجامع بلفظ : ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار غدا على كل هين لين قريب سهل ، والله أعلم . ( رواه أحمد والترمذي وقال : هذا حديث حسن غريب ) : وفي الجامع : رواه أبو يعلى في مسنده ، عن جابر ، والترمذي ، والطبراني ، عن ابن مسعود .




الخدمات العلمية