الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5574 - ( عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال : لا إله إلا الله ، خالصا من قلبه أو نفسه " . ( رواه البخاري ) .

التالي السابق


5574 - ( وعن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم : " أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال : لا إله إلا الله خالصا من قلبه " ) أي : لا يشوبه شك وشرك ، ولا يخلطه نفاق وسمعة ورياء ( أو نفسه ) : شك من الراوي ، وقيل : أسعد هنا بمعنى أصل الفعل ، وقيل : بل على بابه وإن كل أحد يحصل له سعادة شفاعته ، لكن المؤمن المخلص أكثر سعادة ; فإنه - صلى الله تعالى عليه وسلم - يشفع في إراحة الخلق من هول الموقف ، ويشفع في بعض الكفار كأبي طالب في تخفيف عذاب النار . وقال الكرماني : المراد هو أسعد ممن لم يكن في هذه المرتبة من الإخلاص البالغ غايته ، والدليل على التأكيد ذكر القلب ; إذ الإخلاص محله القلب ، ففائدته التأكيد كما في قوله تعالى : فإنه آثم قلبه ، وقال القاضي - رحمه الله : أسعد هنا بمعنى السعيد ; إذ لا يسعد بشفاعته من لم يكن من أهل التوحيد ، أو المراد بمن قال من لم يكن له عمل يستحق به الرحمة ، ويستوجب به الخلاص من النار ; فإن احتياجه إلى الشفاعة أكثر ، وانتفاعه بها أوفر .

قال الطيبي - رحمه الله : قد سبق أن حلول شفاعته إنما هو في حق من أثمر لإيمانه إما مزيد طمأنينة أو عمل ، وتختلف مراتب اليقين والعمل ; فيكون التفضيل بحسب المراتب ، ولذلك أكد خالصا بقوله : من قلبه ، أي : خالصا كائنا من قلبه ، وقد علم أن الإخلاص معدنه ومكانه القلب ، فذكر القلب هنا تأكيد وتقرير ، كما في قوله تعالى : فإنه آثم قلبه الكشاف : فإن قلت : هلا اقتصر على قوله : فإنه آثم ، وما فائدة ذكر القلب ، والجملة هي الآثمة لا القلب وحده ؟ قلت : كتمان الشهادة هو أن يضمرها ولا يتكلم بها ، فلما كان آثما مفتريا بالقلب أسند إليه ; لأن إسناد الفعل إلى الجارحة التي يعمل بها أبلغ ، ألا تراك تقول إذا أردت التوكيد : هذا مما أبصرته عيني ، ومما سمعته أذني ، ومما عرفه قلبي . ( رواه البخاري ) ، وفي رواية الجامع خالصا مخلصا من قلبه ولم يذكر : أو من نفسه .




الخدمات العلمية