الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5646 - وعن علي - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " إن في الجنة لسوقا ما فيها شرى ولا بيع إلا الصور من الرجال والنساء ، فإذا اشتهى الرجل صورة دخل فيها " . رواه الترمذي ، وقال : هذا حديث غريب .

التالي السابق


5646 - ( وعن علي - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم : ( إن في الجنة لسوقا ) أي : مجتمعا ، والسوق مؤنث سماعي ؛ ولذا قال : ( ما فيها ) أي ليس في تلك السوق ( شرى ) بالكسر والقصر أي اشتراء ( ولا بيع ) : والمعنى ليس فيها تجارة ( إلا الصور ) : بالنصب وفي نسخة بالرفع ، أي التماثيل المختلفة ( من الرجال والنساء ، فإذا اشتهى الرجل صورة دخل فيها ) . وكذا إذا اشتهت النساء صورة دخلن فيها . قال الطيبي - رحمه الله - : قد سبق في الفصل الأول في حديث أنس أن المراد بالسوق المجمع وهذا يؤيده ، يعني حيث قال : ما فيها شرى ولا بيع . قال : فالاستثناء منقطع ، ويجوز أن يكون متصلا بأن يجعل تبديل الهيئات من جنس البيع والشرى ، كقوله تعالى : يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم يعني على وجه ، وإلا فالمعتمد أن استثناءه منقطع ، ثم قيل : يحتمل الحديث معنيين أحدهما : أن يكون معناه عرض الصور المستحسنة عليه ، فإذا اشتهى وتمنى تلك الصورة المعروضة عليه صوره الله سبحانه بشكل تلك الصورة بقدرته . وثانيهما : أن المراد من الصورة الزينة التي يتزين الشخص بها في تلك السوق ، ويتلبس بها ، ويختار لنفسه من الحلي والحلل والتاج . يقال : لفلان صورة حسنة ، أي هيئة مليحة ، يعني فإذا رغب في شيء منها أعطيه ، ويكون المراد من الدخول فيها التزين بها ، وعلى كلا المعنيين التغير في الصفة لا في الذات .

[ ص: 3594 ] قال الطيبي - رحمه الله - : ويمكن أن يجمع بينهما ليوافق حديث أنس ، فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم ، فيزدادون حسنا وجمالا . . . الحديث . قلت : وهو مقتبس من قوله تعالى : وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ولعل التقييد بالمكان وهو السوق والزمان وهو يوم الجمعة وبخصوص الصور - لكونه يوم المزيد ويوم اللقاء ويوم الجمع ، ومشاهدة أهل البقاء ، وزيادة أهل الصفاء ، والله سبحانه وتعالى أعلم . وسيأتي في الحديث الذي يليه مزيد بيان لذلك . ( رواه الترمذي ) ، وقال : هذا حديث غريب .




الخدمات العلمية