الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6256 - وعن خالد بن الوليد قال : كان بيني وبين عمار بن ياسر كلام فأغلظت له في القول ، فانطلق عمار يشكوني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء خالد وهو يشكو إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : فجعل يغلظ له ولا يزيده إلا غلظة والنبي - صلى الله عليه وسلم - ساكت لا يتكلم ، فبكى عمار وقال : يا رسول الله ألا تراه ! فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - رأسه وقال : من عادى عمارا عاداه الله ومن أبغض عمارا أبغضه الله . قال خالد : فخرجت فما كان شيء أحب إلي من رضا عمار فلقيته بما رضي فرضي .

التالي السابق


6256 - ( وعن خالد بن الوليد ) : قال المؤلف : مخزومي وأمه لبابة الصغرى أخت ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان أحد أشراف قريش في الجاهلية ، سماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيف الله ، مات سنة إحدى وعشرين ، وأوصى إلى عمر بن الخطاب ، وروى عنه ابن خالته ابن عباس ، وعلقمة ، وجبير بن نفير . ( قال : كان بيني وبين عمار بن ياسر كلام ) أي مكالمة في معاملة ( فأغلظت له في القول ، فانطلق عمار يشكوني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء خالد ) : قال الطيبي : هذا كلام الراوي عن خالد ، وقال : محذوف يدل عليه قوله بعده ، قال خالد : فخرجت . وقال ميرك : يحتمل أن يكون من كلام خالد على الالتفات . ( وهو ) ، أي : عمار ( يشكوه ) ، أي : خالدا ( إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ) ، أي : الراوي ( فجعل ) ، أي : خالد ( يغلظ له ) ، أي : لعمار ( في الكلام ولا يزيده ) ، أي : خالد عمارا ( إلا غلظة ) ، أي : شدة في الغضب ( والنبي - صلى الله عليه وسلم - ساكت لا يتكلم ) ، تأكيد لما قبله ( فبكى عمار ) ، أي : من قلة صبره وكثرة غضبه ورأى أنه - صلى الله عليه وسلم - خافض رأسه كأنه متفكر في أمره فتضرع إليه ( وقال ) ، أي : عمار ( يا رسول الله ألا تراه ) ؟ أي ألا تعلم خالدا فيما يقول في حقي من الغلظة ؟ ( فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - رأسه وقال : " من عادى عمارا ) ، أي : بلسانه ( " عاداه الله ، ومن أبغض عمارا " ) ، أي : بقلبه ( " أبغضه الله " . قال خالد : فخرجت ) ، أي : من عنده - صلى الله عليه وسلم - أي تسكينا للقضية ، أو على قصد إرضاء عمار بالكلية كما يدل عليه قوله : ( فما كان شيء أحب إلي من رضى عمار ) . أي بعدما خرجت ( فلقيته ) ، أي : فواجهته ( بما رضي ) أي من التواضع والاستحلال والاعتناق ونحوها من أسباب الرضا ( فرضي ) ، أي : عمار عني - رضي الله عنهما .

[ ص: 4028 ]



الخدمات العلمية