الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1267 - وعن خارجة بن حذافة رضي الله عنه ، قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم : الوتر جعله الله لكم فيما بين صلاة العشاء إلى أن يطلع الفجر " . رواه الترمذي ، وأبو داود .

التالي السابق


1267 - ( وعن خارجة بن حذافة ) : بضم الحاء ، ووقع في نسخة ابن حجر تقديم حذافة على خارجة هو سهو قلم ( قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : ( " إن الله أمدكم " ) ، أي : جعلها زيادة لكم في أعمالكم من مد الجيش وأمده ، أي زاده ، والأصل في المزيد أن يكون من جنس المزيد عليه ، وقال الطيبي ، أي : زادكم كما في بعض الروايات ( " بصلاة " ) : قال في المفاتيح : الإمداد اتباع الثاني الأول تقوية له وتأكيدا له من المدد ، وفي بعض نسخ المصابيح أمركم بالراء بصلاة ( " هي خير لكم من حمر النعم " ) : الحمر بضم الحاء وسكون الميم جمع الأحمر ، والنعم هنا الإبل إضافة الصفة إلى الموصوف ، وإنما قال ذلك ترغيبا للعرب فيها ; لأن حمر النعم أعز الأموال عندهم ، فكانت كناية عن أنها خير من الدنيا كلها ; لأنها ذخيرة الآخرة التي هي خير وأبقى ( " الوتر " ) : بالجر بدل من صلاة وبالرفع خبر مبتدأ محذوف بتقدير هي الوتر ، وجوز النصب بتقدير أعني والجر في مثل هذا التركيب هو الأصح على ما ورد في الكتاب والسنة من قوله تعالى : ( الحمد لله رب العالمين ) ومن حديث : " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله " وهو المرجح في النسخ المصححة هنا فلا وجه للعدول عما ذكرنا إلى ما قال ابن حجر ، ويصح جر الوتر بدلا ( " جعله الله لكم " ) ، أي وقت الوتر ( " فيما بين صلاة العشاء " ) : قال ابن الملك يدل على أنه لا يجوز تقديمه على فرض العشاء ( " إلى أن يطلع الفجر " ) : وإنما لم يقل في وقت العشاء لئلا يتوهم جواز تقديم الوتر على فرض العشاء ، مع أن الزيادة تكون بعد كمال المزيد فيه وهو بأداء صلاة العشاء . ( رواه الترمذي ، وأبو داود ) : قال ميرك نقلا عن المنذري ، ورواه ابن ماجه ، وقال الترمذي : غريب لا يعرف إلا من حديث يزيد بن أبي حبيب . اهـ .

وقال البخاري : لا يعرف لإسناد هذا الحديث سماع بعضهم من بعض . وعن أبي تميم الجيشاني قال : سمعت عمرو بن العاص يقول : أخبرني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله عز وجل زادكم صلاة [ ص: 948 ] فصلوها فيما بين العشاء والصبح الوتر الوتر " . رواه أحمد والطبراني وأحد إسنادي أحمد رواته رواة الصحيح ، وقد روي من حديث معاذ بن جبل ، وعبد الله بن عمرو ، وابن عباس ، وعقبة بن عامر الجهني ، وعمرو بن العاص . وغيرهم . اهـ .

وقال ابن حجر : صححه الحاكم ، وابن السكن ، واعترضه النووي بأن في سنده ضعفا . وبتسليمه فهو لا يؤثر ; لأن ابن المنذر حكى الإجماع على أن وقت الوتر ما ذكر ، قلت : وعلى كل تقدير فأقل مرتبته أن يكون حسنا ، وبه استدل صاحب الهداية على وجوب الوتر .

قال ابن الهمام : ورواه الحاكم ، وقال : صحيح ولم يخرجاه لتفرد التابعي عن الصحابي ، وقول الترمذي : غريب . لا ينافي الصحة لما عرف ، ولذا يقول مرارا في كتابه حسن صحيح غريب ، وما نقل عن البخاري من أنه أعله بقوله : لا يعرف سماع بعض هؤلاء من بعض ، فبناء على اشتراطه العلم باللقي ، والصحيح الاكتفاء بإمكان اللقي ، ثم قال : فتم أمر هذا الحديث على أتم وجه في الصحة ، ولو لم يكن هذا كان في كثرة طرقه المضعفة ارتفاع له إلى الحسن ، بل بعضها حجة .




الخدمات العلمية